الكافر تخصيصاً بالعقل لظهور أن الظلوم الجهول هو الكافر.
أو تجعل في ضمير ﴿ إنه ﴾ استخداماً بأن يعود إلى الإنسان مراداً به الكافر وقد أطلق
لفظ الإِنسان في مواضع كثيرة من القرآن مراداً به الكافرُ كما في قوله تعالى :﴿ ويقول الإِنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حياً ﴾ [ مريم : ٦٦ ] الآية قوله :﴿ يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ﴾ [ الانفطار : ٦ ] الآيات.
وفي ذكر فعل ﴿ كان ﴾ إشارة إلى أن ظلمه وجهله وصفان متأصلان فيه لأنهما
الغالبان على أفراده الملازمان لها كثرة أو قلة.
فصيغتا المبلاغة منظور فيهما إلى الكثرة والشدة في أكثر أفراد النوع الإِنسان والحكم
الذي يسلط على الأنواع والأجناس والقبائل يراعى فيه الغالب وخاصة في مقام التحذير
والترهيب.
وهذا الإِجمال يبينه قوله عقبه :﴿ ليعذب الله المنافقين ﴾ إلى قوله ﴿ ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات ﴾ [ الأحزاب : ٧٣ ] فقد جاء تفصيله بذكر فريقين : أحدهما : مضيع
للأمانة والآخر مراعٍ لها.
ولذلك أثنى الله على الذين وَفّوا بالعهود والأمانات فقال في هذه السورة ﴿ وكان عهد الله مسئولاً ﴾ [ الأحزاب : ١٥ ] وقال فيها :﴿ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ﴾ [ الأحزاب : ٢٣ ] وقال :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صاق الوعد ﴾ [ مريم : ٥٤ ]
وقال في ضد ذلك :﴿ وما يضل به إلا الفاسقين، الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ﴾ إلى قوله :﴿ أولئك هم الخاسرون ﴾ [ البقرة : ٢٦، ٢٧ ].
﴿ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ ﴾
متعلق بقوله :﴿ وحملها الإنسان ﴾ [ الأحزاب : ٧٢ ] لأن المنافقين والمشركين والمؤمنين
من اصناف الإِنسان.
وهذه اللام للتعليل المجازي المسماة لامَ العاقبة.
وقد تقدم القول
فيها غير مرة إحداها قوله تعالى :﴿ إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ﴾ في آل عمران [ ١٧٨ ].