فقلنا : وما فيه يا رب؟ قال : إن أحسنتن جوزيتن.
وإن أسأتن عوقبتن.
فقلن : يا رب إن تعرضها علينا فلا نريد، وإن أمرتنا بها فنحن نجتهد.
وعرضت على الإنسان يعني : آدم عليه السلام فقبلها وحملها.
وقال بعضهم : هذا على وجه المثل إن لم تظهر الخيانة في الأمانة إلا من الإنسان.
فلم تظهر من السموات والأرض والجبال كما قال :﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هذا القرءان على جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خاشعا مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ الله وَتِلْكَ الامثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [ الحشر : ٢١ ] فكأنه يقول : لو عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال لأبين حملها ﴿ وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان ﴾ يعني : آدم وذريته ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ بالقبول.
وروي عن الحسن أنه قال : عرض على السموات عرض تخيير لا عرض إيجاب.
فلذلك لم تعصِ بترك قبولها ويقال :﴿ عَرَضْنَا الامانة عَلَى السموات ﴾ يعني : على ملائكة السموات والأرض والجبال.
كما قال :﴿ واسئل القرية التى كُنَّا فِيهَا والعير التى أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لصادقون ﴾ [ يوسف : ٨٢ ] يعني : أهل القرية.
وقال السدي : لما أراد أن يحج، عرض الأمانة يعني : أمر ولده شِيث وقابيل وهابيل فعرض على قابيل الكخداذبية والائتمار، والقيام في شغل الدنيا، والعيش حتى يرجع هو من الحج إلى وطنه.
فقبله ثم خانه، فقتل أخاه.
وإنما كان عرض آدم بأمر الله تعالى فلذلك قال :﴿ عَرَضْنَا ﴾.
وقال بعضهم : إن الله عز وجل لما استخلف آدم على ذريته، وسلّطه على جميع ما في الأرض من الأنعام والوحوش والطير، عهد إليه عهداً أمره فيه، ونهاه فقبله.
ولم يزل عاملاً به إلى أن حضرته الوفاة.
فسأل ربه أن يعلمه من يستخلف بعده، ويقلده الأمانة.


الصفحة التالية
Icon