قوله عزّ وجلّ :﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ فجور، يعني الزناة ﴿ والمرجفون فِي المدينة ﴾ بالكذب والباطل، وذلك أنّ ناساً منهم كانوا إذا خرجت سرايا رسول الله صلّى الله عليه يوقعون في الناس أنّهم قُتلوا وهزموا، وكانوا يقولون : قد أتاكم العدوّ ونحوها.
وقال الكلبي : كانوا يحبّون أنْ يفشوا الأخبار، وأنْ تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾ لنولعنّك ونحرشنّك بهم، ونسلطنّك عليهم. ﴿ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ أي لا يساكنونك في المدينة إلاّ قليلاً حتّى يخرجوا منها ﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾ مطرودين، نصب على الحال، وقيل : على الذم ﴿ أَيْنَمَا ثقفوا ﴾ أُصيبوا ووجُدوا ﴿ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾. قال قتادة : ذُكر لنا أنَّ المنافقين أرادوا أنْ يظهروا لما في قلوبهم من النفاق، فأوعدهم الله في هذه الآية فكتموه.
وأنبأني عبدالله بن حامد الأصفهاني عن عبدالله بن جعفر النساوي، عن محمد بن أيّوب عن عبدالله بن يونس، عن عمرو بن شهر، عن أبان، عن أنس قال : كان بين رجل وبين أبي بكر شيء، فنال الرجل من أبي بكر، فغضب رسول الله ﷺ حتّى غمر الدمّ وجهه، فقال :" ويحكم، ذروا أصحابي وأصهاري، احفظوني فيهم لأنَّ عليهم حافظاً من الله عزّ وجلّ، ومن لم يحفظني فيهم تخلّى الله منه، ومن تخلّى الله منه يوشك أنْ يأخذه ".
﴿ مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثقفوا أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾.


الصفحة التالية
Icon