قالوا : يا أبا الدرداء، وما أداء الأمانة؟ قال : الغسل من الجنابة. قال : الله عزّ وجلّ لم يأتمن ابن آدم على شيء من دينه غيره.
وبه عن ابن جرير عن ابن بشّار، عن عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن أُبيّ بن كعب قال : من الأمانة أنّ المرأة أُئتمنت على فرجها.
وقال عبد الله بن عمر بن العاص : أول ما خلق الله تعالى من الإنسان فرجه، وقال : هذه أمانة استودعتكها. فالفرج أمانة، والأُذن أمانة، والعين أمانة، واليد أمانة، والرجل أمانة، ولا إيمان لمن لا أمانة له.
وقال بعضهم : هي أمانات الناس، والوفاء بالعهد، فحق على كل مؤمن ألاّ يغش مؤمناً، ولا معاهداً في شيء قليل ولا كثير، وهي رواية الضحاك عن ابن عباس، وقال السدي بإسناده : هي ائتمان آدم ابنه قابيل على أهله وولده، وخيانته إياه في قتل أخيه وذكر القصة إلى أن قال : قال الله عز وجل لآدم : يا آدم هل تعلم أنّ لي في الأرض بيتاً؟ قال : اللهم لا.
قال : فإن لي بيتاً بمكة فأته. فقال آدم للسماء :" احفظي ولدي بالأمانة "، فأبت، وقال للأرض فأبت، وقال للجبال فأبت، وقال لقابيل فقال : نعم تذهب وترجع تجد أهلك كما يسرك. فانطلق آدم ( عليه السلام )، فرجع وقد قتل قابيل هابيل، فذلك قوله عز وجل :﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة ﴾ يعني قابيل حين حمل أمانة آدم ثم لم يحفظ له أهله.
وقال الآخرون :﴿ وَحَمَلَهَا الإنسان ﴾ يعني آدم. ثم اختلفت عباراتهم في معنى ( الظلوم ) و ( الجهول ) ؛ فقال ابن عباس والضحاك :﴿ ظَلُوماً ﴾ لنفسه ﴿ جَهُولاً ﴾ غِرّاً بأمر الله وما احتمل من الأمانة. قتادة :﴿ ظَلُوماً ﴾ للأمانة ﴿ جَهُولاً ﴾ عن حقها. الكلبي :﴿ ظَلُوماً ﴾ حين عصى ربه، ﴿ جَهُولاً ﴾ لا يدري ما العقاب في تركه الأمانة. الحسين بن الفضل :﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ عند الملائكة لا عند الله.