والسداد : القصد إلى الحق والقول بالعدل والمراد نهيهم عما خاضوا فيه من حديث زينب من غير قصد وعدل في القول والبعث على أن يسددوا قولهم في كل باب، لأن حفظ اللسان وسداد القول رأس كل خير.
ولا تقف على ﴿ سَدِيداً ﴾ لأن جواب الأمر قوله ﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أعمالكم ﴾ يقبل طاعتكم أو يوفقكم لصالح العمل ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ أي يمحها.
والمعنى راقبوا الله في حفظ ألسنتكم وتسديد قولكم فإنكم إن فعلتم ذلك أعطاكم ما هو غاية الطلبة من تقبل حسناتكم والإثابة عليها ومن مغفرة سيئاتكم وتكفيرها.
وهذه الآية مقررة للتي قبلها بنيت تلك على النهي عما يؤذي رسول الله ﷺ، وهذه على الأمر باتقاء الله في حفظ اللسان ليترادف عليهم النهي والأمر مع اتباع النهي ما يتضمن الوعيد من قصة موسى عليه السلام وإتباع الأمر الوعد البليغ فيقوي الصارف عن الأذى والداعي إلى تركه.
ولما علق بالطاعة الفوز العظيم بقوله ﴿ وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ أتبعه قوله.
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال ﴾ وهو يريد بالأمانة الطاعة لله وبحمل الأمانة الخيانة.
يقال : فلان حامل للأمانة ومحتمل لها أي يؤديها إلى صاحبها حتى تزول عن ذمته، إذ الأمانة كأنها راكبة للمؤتمن عليها وهو حاملها ولهذا يقال : ركبته الديون ولي عليه حق، فإذا أداها لم تبق راكبة له ولا هو حامل لها يعني أن هذا الأجرام العظام من السماوات والأرض والجبال قد انقادت لأمر الله انقياد مثلها وهو ما يأتي من الجمادات، وأطاعت له الطاعة التي تليق بها حيث لم تمتنع على مشيئته وإرادته إيجاداً وتكويناً وتسوية على هيئات مختلفة وأشكال متنوعة كما قال :﴿ ثُمَّ استوى إِلَى السماء وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [ فصلت : ١١ ].