فكره النبي ﷺ ذلك فنزلت. ﴿ ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ من الخواطر النفسانية الشيطانية. ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ ﴾ وما صح لكم. ﴿ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله ﴾ أن تفعلوا ما يكرهه. ﴿ وَلاَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً ﴾ من بعد وفاته أو فراقه، وخص التي لم يدخل بها، لما روي أن أشعث بن قيس تزوج المستعيذة في أيام عمر رضي الله عنه فهم برجمها، فأخبر بأنه عليه الصلاة والسلام فارقها قبل أن يمسها فتركها من غير نكير. ﴿ إِنَّ ذَلِكُمْ ﴾ يعني إيذاءه ونكاح نسائه. ﴿ كَانَ عِندَ الله عَظِيماً ﴾ ذنباً عظيماً، وفيه تعظيم من الله لرسوله وإيجاب لحرمته حياً وميتاً ولذلك بالغ في الوعيد عليه فقال :
﴿ إِن تُبْدُواْ شَيْئاً ﴾ كنكاحهن على ألسنتكم. ﴿ أَوْ تُخْفُوهْ ﴾ في صدوركم. ﴿ فَإِنَّ الله كَانَ بِكُلّ شَىْءٍ عَلِيماً ﴾ فيعلم ذلك فيجازيكم به، وفي هذا التعميم مع البرهان على المقصود مزيد تهويل ومبالغة في الوعيد.
﴿ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إخوانهن وَلاَ أَبْنَاءِ إخوانهن وَلاَ أَبْنَاءِ أخواتهن ﴾ استثناء لمن لا يجب الاحتجاب عنهم. روي : أنه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب : يا رسول الله أو نكلمهن أيضاً من وراء حجاب فنزلت. وإنما لم يذكر العم والخال لأنهما بمنزلة الوالدين ولذلك سمى العم أبا في قوله ﴿ وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ﴾ أو لأنه كره ترك الاحتجاب عنهما مخافة أن يصفا لأبنائهما. ﴿ وَلاَ نِسَائِهِنَّ ﴾ يعني نساء المؤمنات. ﴿ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾ من العبيد والإماء، وقيل من الإِماء خاصة وقد مر في سورة "النور". ﴿ واتقين الله ﴾ فيما أمرتن به. ﴿ إِنَّ الله كَانَ على كُلِّ شَىْءٍ شَهِيداً ﴾ لا يخَفى عليه خافية.


الصفحة التالية
Icon