غيرهنّ من الكتابيات والإماء بالنكاح والأعربيات والغرائب فلا يحل لك التزوّج بهن. وقوله ﴿ ولا أن تبدل بهن ﴾ منع من فعل الجاهلية وهو قولهم " بادلني بامرأتك وابادلك بامرأتي " فكان ينزل كل واحد منهما عن امرأته لصاحبه. يحكى أن عيينة بن حصن دخل على النبي ﷺ وعنده عائشة من غير استئذان فقال رسول الله ﷺ : يا عيينة أين الاستئذان؟ فقال : يا رسول الله ما استأذنت على رجل قط ممن مضى منذ أدركت.
ثم قال : من هذه الجميلة إلى جنبك؟ فقال : هذه عائشة أم المؤمنين. قال عيينة : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق. فقال عليه السلام : إن الله قد حرم ذلك. فلما خرج قالت عائشة : من هذا يا رسول الله؟ قال : أحمق مطاع وإنه على ما ترين لسيد قومه. وقوله ﴿ ولو أعجبك حسنهنّ ﴾ في موضع الحال أي مفروضاً إعجابك بهن. قال جار الله : والأظهر أن جوابه محذوف يدل عليه ما قبله وهو ﴿ لا يحل ﴾ وفائدة هذه الشرطية التأكيد والمبالغة. واستثنى ممن حرم عليه الإماء. وفي قوله ﴿ وكان الله على كل شيء رقيباً ﴾ تحذير من مجاوزة حدوده. واعلم أن ظاهر هذه الآية ناسخ لما كان قد ثبت له ﷺ من تحريم مرغوبته على زوجها، وفيه حكمة خفية، وذلك أن الأنبياء يشتدّ عليهم برحاء الوحي في أوّل الأمر ثم يستأنسون به فينزل عليهم وهم يتحدثون مع أصحابهم فكان الحاجة إلى تفريغ بال النبي تكون في أوّل الأمر أكثر لو هي القوّة ولعدم إلفه بالوحي، فإذا تكاملت قوّته وحصل إلفه بتعاقب الوحي لم يبق له الالتفات إلى غير الله فلم يحتج إلى إحلال التزوّج بمن وقع بصره عليها. وعن عائشة : ما مات رسول الله ﷺ حتى أحل له النساء. تعني أن الآية نسخت، ونسخها إمّا بالسنة عند من يجوِّز نسخ القرآن بخبر واحد، وأمّا بقوله ﴿ إنا أحلنا لك ﴾ وترتيب النزول ليس على ترتيب المصحف.