روي أن ناساً كانوا إذا خرجت سرايا رسول الله يوقعون في الناس أنهم قتلوا أو هزموا وكانوا يقولون قد أتاكم العدوّ ونحو ذلك. ومعنى ﴿ لنغرينك بهم ﴾ لنسلطنك عليهم وهو مجاز من قولهم : أغريت الجارحة بالصيد. المراد لنأمرنك بأن تفعل ما يضطرهم إلى الجلاء ثم لا يساكنونك في المدينة إلا زمناً قليلاً ريثما يتأهبون فيرتحلون بأنفسهم وعيالهم. ومعنى " ثم " تراخي الرتبة كأنه يفعل بهم أفاعيل تسوءهم إلى أن يبلغ حد الاضطرار فيزعجهم، ويجوز أن يكون ﴿ قليلاً ﴾ منصوب على الحال ايضاً ومعناه لا يجاورونك غلا أقلاء أذلاء ملعونين. وفي قوله ﴿ لا يجاورونك ﴾ عطف على جواب القسم كأنه قيل : إن لم ينتهوا لا يجاورونك ﴿ سنة الله ﴾ أي سنة الله في الدين ينافقون في الأنبياء أن يقتلوا حيثما ثقفوا. وقال مقاتل : أراد كما قتل واسر أهل بدر ﴿ ولن تجد لسنة الله تبديلا ﴾ أي ليست هذه السنة مثل الحكم الذي يتبدل وينسخ فإن النسخ يكون في الأحكانم لا في الأفعال والأخبار. ثم إن المشركين واليهود كانوا يسألون رسول الله ﷺ عن وقت قيام الساعة استهزاء وامتحاناً فأمر نبيه أن يقول : إن ذلك العلم مما استأثر الله ولكنها قريبة الوقوع. ومعنى ﴿ قريباً ﴾ شيئاً قريباً أو يوماً أو زماناً. ثم أوعدهم بما أعدّ لهم من عذاب السعير. ومعنى تقليب وجوههم تصريفها في الجهات كاللحم يدار على النار حين يشوى، أو تغييرها عن أحوالها، أو تحويلها عن هيآتها، أو نكسها على رؤوسها. والوجه عبارة عن الجملة وخص بالذكر لأنه اشرف وأكرم، وإذا كان الأشرف معرضاً للعذاب فالأخس أولى.


الصفحة التالية
Icon