﴿لا يحل لك النساء من بعد﴾ أي : بعد من معك من هؤلاء التسع اللاتي اخترنك شكراً من الله لهن ؛ لكونهن لما نزلت آية التخيير اخترن الله ورسوله فحرم عليه النساء سواهن، ونهاه عن تطليقهن وعن الاستبدال بهن بقوله تعالى :﴿ولا أن تبدل بهن﴾ أي : هؤلاء التسع، وأعرق في النفي بقوله تعالى :﴿من﴾ أي : شيئاً من ﴿أزواج﴾ أي : بأن تطلقهن أي : هؤلاء المعينات أو بعضهن وتأخذ بدلها من غيرهن ﴿ولو أعجبك حسنهن﴾ أي : النساء المغايرات لمن معك. قال ابن عباس : يعني أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب، فلما استشهد أراد رسول الله ﷺ أن يخطبها فنُهي عن ذلك، وقرأ أبو عمرو لا تحل لك بالتاء الفوقية والباقون بالياء التحتية، وشدد البزي التاء من أن تبذل.
تنبيه : في الآية دليل على إباحة النظر إلى من يريد نكاحها لكن من غير العورة في الصلاة، فينظر الرجل من الحرة الوجه والكفين، ومن الأمة ما عدا ما بين السرة والركبة، واحتج لذلك بقوله ﷺ للمغيرة وقد خطب امرأة :"انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما أن تدوم المودة والإلفة" رواه الحاكم وصححه. وقوله تعالى :﴿إلا ما ملكت يمينك﴾ استثناء من النساء ؛ لأنه يتناول الأزواج والإماء أي : فتحل لك، وقد ملك بعدهن مارية وولدت له إبراهيم ومات، واختلفوا هل أبيح له النساء من بعد؟ قالت عائشة :"ما مات رسول الله ﷺ حتى أحل الله له النساء" أي : فنسخ ذلك، وأبيح له أن ينكح أكثر منهن بآية ﴿إنا أحللنا لك أزواجك﴾، فإن قيل : هذه الآية متقدمة وشرط الناسخ أن يكون متأخراً ؟
أجيب : بأنها مؤخرة في النزول مقدمة في التلاوة، وهذا أصح الأقوال.