ولما أمر تعالى في هذه الآيات بأشياء ونهى عن أشياء، وحد حدوداً حذر من التهاون بشيء منها ولو بنوع تأويل بقوله تعالى :﴿وكان الله﴾ أي : الذي لا شيء أعظم منه وهو المحيط بجميع صفات الكمال ﴿على كل شيء رقيباً﴾ أي : حافظاً عالماً بكل شيء قادراً عليه فتحفظوا أمركم ولا تتخطوا ما حد لكم وهذا من أشد الأشياء وعيداً.
ولما ذكر حالة النبي ﷺ مع أمته في قوله تعالى :﴿يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً﴾ (الأحزاب :)
ذكر حالهم معه من الاحترام له ﷺ بقوله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي : ادعوا الإيمان صدقوا دعواكم فيه بأن ﴿لا تدخلوا بيوت النبي﴾ أي : الذي تأتيه الأنباء من علام الغيوب مما فيه رفعته في حال من الأحوال أصلاً ﴿إلا﴾ في حال ﴿أن يؤذن لكم﴾ أي : ممن له الإذن في بيوته ﷺ منه، أو ممن يأذن له في الدخول بالدعاء ﴿إلى طعام﴾ أي : أكله حال كونكم ﴿غير ناظرين﴾ أي : منتظرين ﴿أناه﴾ أي : نضجه وهو مصدر أنى يأني، وقرأ هشام وحمزة والكسائي بالإمالة وورش بالفتح وبين اللفظين والباقون بالفتح.
ولما كان هذا الدخول بالإذن مطلقاً وكان يراد تقييده قال تعالى :﴿ولكن إذا دعيتم﴾ أي : ممن له الدعوة ﴿فادخلوا﴾ أي : لأجل ما دعاكم له ثم تسبب عنه قوله تعالى :﴿فإذا طعمتم﴾ أي : أكلتم طعاماً أو شربتم شراباً ﴿فانتشروا﴾ أي : اذهبوا حيث شئتم في الحال ولا تمكثوا بعد الأكل أو الشرب لا مستريحين لقرار الطعام ﴿ولا مستأنسين لحديث﴾ أي : طالبين الأنس لأجله.
فائدة : قال الحسن : حسبك بالثقلاء أن الله لم يتجوز في أمورهم، وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت : حسبك بالثقلاء أن الله تعالى لم يحتملهم.