وكان ذلك سبب الخسف بقارون ومن معه وقال عبد الله بن مسعود : لما كان يوم حنين آثر رسول الله ﷺ ناساً في القسمة فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى فلاناً كذا لناس من العرب، وآثرهم في القسمة فقال رجل : هذه قسمة والله ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله فقلت : والله لأخبرن بها رسول الله ﷺ قال : فأتيته فأخبرته بما قال فتغير وجهه حتى كان كالصرف ثم قال : فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله ثم قال :"يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر" والصرف بكسر الصاد : صبغ أحمر يصبغ به الأديم.
ولما كان قصدهم بهذا الأذى إسقاط وجاهته قال تعالى :﴿وكان﴾ أي : موسى عليه السلام كوناً راسخاً ﴿عند الله﴾ أي : الذي لا يذل من والاه ﴿وجيهاً﴾ أي : معظماً رفيع القدر ذا وجاهة يقال وجه الرجل يوجه فهو وجيه إذا كان ذا جاه وقدر قال ابن عباس كان عظيماً عند الله تعالى لا يسأله شيئاً إلا أعطاه وقال الحسن كان مجاب الدعوة وقيل كان محبباً مقبولاً.
ولما نهاهم عن الأذى أمرهم بالنفع ليصيروا ذوي وجاهة عنده مكرر للنداء استعطافاً وإظهاراً للاهتمام بقوله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي : ادعوا ذلك ﴿اتقوا الله﴾ أي : صدقوا دعواكم بمخافة من له جميع العظمة فاجعلوا لكم وقاية من سخطه بأن تبذلوا له جميع ما أودعكم من الأمانة ﴿وقولوا﴾ في حق النبي ﷺ في أمر زينب وغيرها، وفي حق بناته ونسائه وفي حق المؤمنين ونسائهم وغير ذلك ﴿قولاً سديداً﴾ قال ابن عباس : صواباً وقال قتادة : عدلاً وقال الحسن : صدقاً وقال عكرمة : هو قول لا إله إلا الله. وقيل : مستقيماً.


الصفحة التالية
Icon