واللام في ﴿ لّيُعَذّبَ الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ﴾ متعلق ب ﴿ حملها ﴾ أي حملها الإنسان ليعذّب الله العاصي ويثيب المطيع، وعلى هذا فجملة ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ معترضة بين الجملة وغايتها للإيذان بعدم وفائه بما تحمّله.
قال مقاتل ابن سليمان، ومقاتل بن حيان : ليعذبهم بما خانوا من الأمانة وكذبوا من الرسل ونقضوا من الميثاق الذي أقرّوا به حين أخرجوا من ظهر آدم.
وقال الحسن وقتادة : هؤلاء المعذبون هم الذين خانوها، وهؤلاء الذين يتوب الله عليهم هم الذين أدّوها.
وقال ابن قتيبة : أي عرضنا ذلك ليظهر نفاق المنافق وشرك المشرك، فيعذبهما الله ويظهر إيمان المؤمن فيتوب الله عليه، أي يعود عليه بالمغفرة والرحمة إن حصل منه تقصير في بعض الطاعات، ولذلك ذكر بلفظ التوبة، فدلّ على أن المؤمن العاصي خارج من العذاب ﴿ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ أي كثير المغفرة والرحمة للمؤمنين من عباده إذا قصروا في شيء مما يجب عليهم.
وقد قيل : إن المراد بالأمانة : العقل، والراجح ما قدّمنا عن الجمهور، وما عداه فلا يخلو عن ضعف لعدم وروده على المعنى العربي ولا انطباقه على ما يقتضيه الشرع ولا موافقته لما يقتضيه تعريف الأمانة.


الصفحة التالية
Icon