﴿ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ ﴾
أي : حملها الْإِنْسَاْن ليعذب الله بعض أفراده الذين لم يراعوها ولم يقابلوها بالطاعة، على أن اللام للعاقبة ؛ فإن التعذيب - وإن لم يكن غرضاً له من الحمل - لكن لما ترتب عليه بالنسبة إلى بعض أفراده، ترتب الأغراض على الأفعال المعللة بها، أبرز في معرض الغرض - أي : كان عاقبة حمل الْإِنْسَاْن لها أن يعذب الله تعالى هؤلاء من أفراده لخيانتهم الأمانة، وخروجهم عن الطاعة بالكلية، وإلى الفريق الثاني أشير بقوله تعالى :﴿ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ أي : كان عاقبة حمله لها أن يتوب الله تعالى على هؤلاء من أفراده ؛ أي : يقبل توبتهم لعدم خلعهم ربقة الطاعة عن رقابهم بالمرة، وتلافيهم لما فرط منهم من فرطات، قلما يخلو عنها الْإِنْسَاْن بحكم جبلّته وتداركهم لها بالتوبة والإنابة، والالتفات إلى الاسم الجليل، أولاً ؛ لتهويل الخطب وتربية المهابة، والإظهار في موضع الإضمار، ثانياً ؛ لإبراز مزيد الاعتناء بأمر المؤمنين توفية لكل من مقامي الوعيد والوعد حقه :﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ أي : مبالغاً في المغفرة والرحمة، حيث تاب عليهم، وغفر لهم فرطاتهم، وأثاب بالفوز على طاعاتهم. انتهى ملخصاً، مما حرره أبو السعود. وقد آثرت نقله بحروفه ؛ لتجويده الكلام، وإجادته في المقام، وهكذا عادتنا في كل مجوّد، أن ننقله ولا نتصرف فيه.
بقي في الآية لطائف نشير إليها :


الصفحة التالية
Icon