والعلم الذي يستمده الإنسان من عقله، هو الحارس الأمين على الأمانة التي حملها الإنسان، فبالعلم يعرف الإنسان ربّه، وما له سبحانه من صفات الجلال والكمال.. وبالعلم يدرك التكاليف التي كلفه اللّه بها، فيما أمر ونهى.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ » (٢٧ : الأنفال) وننظر في قوله تعالى :« إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا » فنجد :
أولا : عرض اللّه سبحانه وتعالى « الأمانة » على السموات والأرض والجبال..
فما معنى العرض هنا. ؟
إنه ـ واللّه أعلم ـ عرض امتحان لهذه العوالم وما فيها ومن فيها ـ فى مواجهة الإنسان، حتى يظهر عجزها، ويبين فضل الإنسان عليها.. وهذا مثل عرض الأسماء على الملائكة، امتحانا لهم، فى مواجهة آدم.. فلما ظهر عجزهم ـ واللّه يعلم هذا علما أزليّا ـ اعترفوا لآدم بماله من فضل استوجب سجودهم له!! وفي هذا يقول اللّه تعالى :« وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ » (٣١ ـ ٣٣ : البقرة) وثانيا : إباء السموات والأرض والجبال أن يحملن الأمانة..
فما معنى هذا الإباء ؟.