هذا وما قيل إن المراد بالجن هنا الملائكة قول غير سديد لمخالفته ظاهر القرآن وعدم مناسبته للواقع ولأن اللّه تعالى عبّر عن الملائكة في مواقع كثيرة بلفظ الملائكة وعن الجن بلفظ الجن فالعدول عن المعنى الموضوع للفظ عدول عن الحقيقة المرادة منه، هذا وقد ألمعنا لهذا البحث في الآية ١٥٨ من الصافات المارة فراجعه، ومنه ومن هنا تعلم أن ليس المراد بالجن هنا والجنة هناك الملائكة، بل الشياطين كما ذكرناه "فَالْيَوْمَ" أيها العابدون والمعبودون "لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا" ويدخل في هذه الآية الملائكة دخولا أوليا لأن السياق ينوه عنهم ليعلم عابدوهم على رءوس الأشهاد ظهور عجزهم وقصورهم وخيبة رجائهم بشفاعتهم بالكلية فغيرهم من المعبودين من باب أولى.
"وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا" عطف على قوله تعالى (ثم نقول للملائكة) إلخ، ويراد بالظالمين هنا الكفرة منهم بدليل قوله تعالى "ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ٤٢" لأن الظالمين المؤمنين لا يكذبون بالبعث ولا عذاب الآخرة ويؤيده قوله تعالى "وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا" الذي يتلوها يعنون محمدا صلّى اللّه عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon