السحر والكهانة واعلموا أن إلحاحه عليكم بالإيمان ما هو إلا حبا بكم وحرصا عليكم من أن ينالكم غضب اللّه وخشية من إيقاع عذابه بكم ليس إلا، فيا حبيبي يا محمد "قُلْ" لهم "ما سَأَلْتُكُمْ" على هذا النصح والإرشاد "مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ" هذا جواب شرط محذوف تقديره أي شيء سألتكم من جعل عليه فهو لكم، والمراد منه في السؤال رأسا، كقولك لصاحبك إن أعطيتني شيئا فخذه وأنت تعلم أنه لم يعطك شيئا فما هنا شرطية واقعة مفعولا لسألتكم "إِنْ أَجْرِيَ" على التبليغ في الإنذار ما هو "إِلَّا عَلَى اللَّهِ" وحده لا عليكم "وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٤٧" ومن جملة الأشياء التي هو شهيد عليها عدم طلبي جعلا منكم على نصحكم وإنما أرجو عليه ثوابا من اللّه الذي أرسلني إليكم "قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ" فيرسل الوحي من السماء إلى رسوله على لسان أمينه جبريل عليه السلام، ومعنى القذف الرمي بشدة والدفع بالقوّة، ويراد منه هنا الإلقاء والتنزيل، وهو موافق للمعنى المراد لأنه من العلي الأعلى إلى عبده "و هو عَلَّامُ الْغُيُوبِ ٤٨" خفيات الأمور وبواطنها "قُلْ جاءَ الْحَقُّ" الذي لا أحق منه وهو القرآن الذي جاء بالتوحيد والإسلام "وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ" بعد
ظهور الحق ووضوحه بشيء يقبل بل يذهب ويضمحل ولم يبق له إبداء أمر ما ابتداء "وَما يُعِيدُ ٤٩" فلم يبق له إعادة أي فعل ثانيا وهذا المعنى مأخوذ من الهلاك وهو الموت فإن الحيّ إذا مات لم يبق له إبداء شيء ولا إعادته كما تقول لا يأكل ولا يشرب وتريد أنه ميت، قال عبيد بن الأبرص :
أقفر من أهله عبيد فاليوم لا يبدي ولا يعيد


الصفحة التالية
Icon