قوله :﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ﴾، وبعده، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ بالجمع ؛ لأَن المراد بالأَوّل : لآية على إِحياءِ الموتى فخُصّت بالتوحيد، وفى قصّة سبأ جمع ؛ لأَنَّهم صاروا اعتباراً يضرب بهم المثل : تفرّقوا أَيدى سبا : فُرِّقُوا كلَّ مفرَّق، ومُزِّقوا كلَّ ممزق، فوقع بعضهم إِلى الشأم، وبعضهم إِلى يَثْرِب، وبعضهم إِلى عُمان، فخُتم بالجمع، وخُصَّت به لكثرتهم، وكثرة مه يعتبر بهنّ، فقال ﴿لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ﴾ على المِحنة ﴿شَكُورٍ﴾ على النِّعمة، أَى المؤمنين.
قوله ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ﴾ وبعده :﴿لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ﴾ سبق.
وخصّ هذه السّورة بذكر الربِّ لأَنه تكرّر فيها مرّات كثيرة.
منها ﴿لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ ﴿رَبَّنَا بَاعِدْ﴾ ﴿يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا﴾ ﴿مَوْقُوفُوْنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ ولم يذكر مع الأَول ﴿مِنْ عِبَادِهِ﴾ ؛ لأَن المراد بهم الكفَّار.
وذكر مع الثانى ؛ لأَنهم المؤمنون.
وزاد (له) وقد سبق بيانه.
قوله :﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ﴾ ولم يقل : من قبلك، ولا قبلَك.
خُصّت السورة به، لأَنه فى هذه السّورة إِخبار مجرّد وفى غيرها إِخبار للنبىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتسلية له، فقال :﴿قَبْلِكَ﴾.
قوله ﴿وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾، وفى غيرها ﴿عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ﴾ ؛ لأَن قول ﴿أَجْرَمْنَا﴾ بلفظ الماضى، أَى قبل هذا، ولم يقل : نُجْرم فيقع فى مقابلة (تعملون) ؛ لأَن مِن شرط الإِيمان وصف المؤمن أَن يعزم أَلاَّ يُجرِم.
وقوله :﴿تَعْمَلُوْنَ﴾ خطاب للكفاَّر، وكانوا مصرِّين على الكفر فى الماضى من الزَّمان والمستقبل، فاستغنت به الآية عن قوله ﴿كُنْتُمْ﴾.
قوله :﴿عَذَابَ النَّارِ الَّتِي﴾ قد سبق. أ هـ ﴿بصائر ذوى التمييز حـ ١ صـ ٣٨٣ ـ ٣٨٥﴾