قال أبو حاتم : قال يعقوب : روى أيوب السختياني عن الحسن :"فُرِغَ"، ضم الفاء، وكسر الراء وخففها، وأعجم الغين، فقيل للحسن : إنهم يقولون :"فُرِّغَ"، مثقلة. فقال الحسن : لا، إنها عربية. قال : ولا أظن الثقات رووها عن الحسن على وجوه إلا لصعوبة المعنى عليه. واختلفت ألفاظه، وقال فيها أقوالا١ مختلفة، يعني أبو حاتم اجتماع معنى ف ز ع مع معنى ف ر غ في أن الفزع : قلق ومفارقة للموضع المقلوق عليه، والفراغ : إخلاء الموضع، فهما من حيث ترى ملتقيان.
وكذلك معنى "افْرُنْقِعَ"، يقال : افْرَنْقَعَ٢ القوم عن الشيء، أي : تفرقوا عنه.
ومما يحكى في ذلك أن أبا علقمة النحوي ثار به المُرَارُ٣، فاجتمع الناس عليه، فلما أفاق قال : ما لكم قد تكأكأتم على كتكأكئكم٤ على ذي جِنّة٥؟ افْرَنْقِعُوا عني. قال : فقال بعض الحاضرين : إن شيطانه يتكلم بالهندية.
ومن ذلك قراءة سعيد بن جيبر :"بَلْ مَكَرُّ الليلِ والنَّهارِ"٦، وهي قراءة أبي رزين٧ أيضا.
وقرأ :"بَلْ مَكْرٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
" قتادة.
قال أبو حاتم : وقرأ راشد الذي كان نظر في مصاحف الحجاج :"بَلْ مَكَرَّ"، بالنصب.
قال أبو الفتح : أما "المَكَرّ" والكرور، أي : اختلاف الأوقات، فمن رفعه فعلى وجهين :
أحدهما : بفعل مضمر دل عليه قوله :﴿أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ﴾٨، فقالوا في الجواب : بل صدنا مَكَرُّ الليلِ والنهارِ، أي : كرورهما.

١ في ك : ألفاظا.
٢ ضبط "افرنقع" على البناء للمجهول في نسخة الأصل، وهو تحريف.
٣ المرار : غلبة المرة : مزاج من أمزجة البدن، مر بالبناء للمجهول فهو ممرور.
٤ تكأكأتم : تجمعتم.
٥ الجنة : الجنون.
٦ سورة سبأ : ٣٣.
٧ هو مسعود بن مالك، ويقال : ابن عبد الله، أبو رزين الكوفي. وردت عنه الرواية في حروف القرآن. روى عن ابن مسعود وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. وروى عنه الأعمش. طبقات القراء لابن الجزري : ٢ : ٢٩٦.
٨ سورة سبأ : ٣٢.


الصفحة التالية
Icon