فصل فى التعريف بالسورة الكريمة
قال ابن عاشور :
سورة سبأ
هذا اسمها الذي اشتهرت به في كتب السنة وكتب التفسير وبين القراءة ولم أقف على تسميتها في عصر النبوة.
ووجه تسميتها به أنها ذكرت فيها أهل سبأ.
وهي مكية وحكي اتفاق أهل التفسير عليه.
وعن مقاتل أن آية :﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ إلى قوله :﴿الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [سبأ : ٦] نزلت بالمدينة.
ولعله بناء على تأويلهم أهل العلم إنما يراد بهم أهل الكتاب الذين أسلموا مثل عبد الله بن سلام.
والحق أن الذين أوتوا العلم هم أصحاب محمد ﷺ، وعزي ذلك إلى ابن عباس أو هم أمة محمد، قاله قتادة، أي لأنهم أوتوا بالقرآن علما كثيرا قال تعالى :﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ [العنكبوت : ٤٩]، على أنه لا مانع من التزام أنهم علماء أهل الكتاب قبل أن يؤمنوا لأن المقصود الاحتجاج بما هو مستقر في نفوسهم الذي أنبأ عنه إسلام طائفة منهم كما نبينه عند قوله تعالى :﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ الخ.
ولابن الحصار أن سورة سبا مدنية لما رواه الترمذي : عن فروة بن مسيك العطيفي المرادي قال : أتيت رسول الله ﷺ إلى أن قال : وأنزل في سبأ ما أنزل.
فقال رجل : يا رسول الله : وما سبأ؟ الحديث.
قال ابن الحصار : هاجر فروة سنة تسع بعد فتح الطائف.
وقال ابن الحصار : يحتمل أن يكون قوله " وأنزل " حكاية عما تقدم نزوله قبل هجرة فروة، أي أن سائلا سأل عنه لما قرأه أو سمعه من هذه السورة أو من سورة النمل.
وهي السورة الثامنة والخمسون في عداد السور، نزلت بعد سورة لقمان سورة الزمر كما في المروي عن جابر بن زيد واعتمد عليه الجعبري كما في " الإتقان "، وقد تقدم في سورة الإسراء أن قوله تعالى فيها :﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً﴾ إلى قوله :﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً﴾ [الإسراء : ٩٠- ٩٢] إنهم عَنَوا