وتكشف السورة هنا هذه الخبايا فى ذلك الخطاب المتبادل: " ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين". ولكن الحوار لا يطول لأن خزنة جهنم تحسم الموقف! وفى ختام السورة يأمر الله نبيه أن يكشف عن طبيعة الرسالة الإسلامية، وهو يجادل الكفار وينسف شبهاتهم " قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ". إن التفكير الواعى العميق أساس هذه الرسالة، سواء فكر المرء وحده أم استعان بأصدقائه المهم أن يستيقظ العقل النائم فيرى آيات ربه فى آفاق العالم الذى يعيش فيه، ومحمد عليه الصلاة والسلام مرسل الصيحة التى تنبه الفكر الخامل، وترشد الشعوب التائهة. وما فعل ذلك طلبا لجاه أو مال. إنه تحفل الغتت، وبذل نفسه دون رسالته وفاء للحق وفناء فيه. "قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد". إن الصادين عن الحق اليوم سوف يؤمنون به عندما تتحقق نذره، ويواجه المشركون ما ينكرون: " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب". أى لا يبذل جهد فى القبض عليهم. "وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد " لقد آمنوا بعد فوات الأوان، وانتهاء الامتحان، وظهور النتائج... ولو عقلوا لعرفوا الله واتبعوا المرسلين!. أ هـ ﴿نحو تفسير موضوعى صـ ٣٣٠ ـ ٣٣٤﴾


الصفحة التالية
Icon