وقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ...﴾
العرب تدغم اللام عند النون إذا سكنت اللام وتحركت النون. وذلك أَنها قريبة المخرج منها. وهى كثيرة فى القراءة. ولا يقولون ذلك فى لامٍ قد تتحرَّك فى حال ؛ مثل ادخل وقل ؛ لأن (قل) قد كان يُرفع ويُنصب ويدخل عليه الجزم، وهل وبل وأَجَلْ مجزومات أبداً، فشُبِّهن إذا أُدغمن بقوله ﴿النار﴾ إذا أدغمت اللام من النار فى النون منها. وكذلكَ قوله ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ تدغم اللام عند التاء من بل وهل وَأَجَلْ. ولا تدغم على اللام التى قد تتحرّك فى حَال. وإظهارهما جَائز ؛ لأن اللام ليست بموصولة بما بعدهَا ؛ كاتّصال اللام من النار وأشباه ذلك. وإنما صرت أختار ﴿هَلْ تَسْتَطِيعُ﴾ و ﴿بَلْ نَظُنُّكُمْ﴾ فأُظهر ؛ لأنَّ القراءة من المولَّدينَ مصنوعَة لم يأخذوها بطباع الأعراب، إنما أخذوها بالصنعة. فالأعْرابىّ ذلكَ جَائز له لما يجرى على لسانه من خفيف الكلام وثقيله. ولو اقتسْتُ فى القراءة عَلَى ما يخِفّ عَلَى ألسن العرب فيخففون أو يدغمون لخفّفتُ قوله ﴿قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ فقلتُ: أَيْشٍ أكبرُ شهادة، وهو كلام العرب. فيلسَ القراءة عَلَى ذلك، إنما القراءة عَلَى الإشباع والتمكين ؛ ولأن الحرف ليس بمتّصل مثل الألف واللام: ألا ترى أنك لا تقف عَلَى الألف واللام ممّا هى فيه. فلذلك لم أظهر اللام عند التاء وأشباههَا. وكذلك قوله: ﴿اتَّخَذْتُم﴾ و ﴿عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُمْ﴾ تُظهر وتدغم. والإدغام أحبّ إلىّ لأنها متَّصلة بحرف لا يوقف على ما دونه. فأمّا قوله ﴿بَلْ
رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ فإن اللام تدخل فى الراء دخولاً شديداً، ويثقل عَلَى اللسان إظهارها فأدغمت. وكذلك فافعل بجميع الإدغام: فما ثقُل على اللسان إظهارهُ فأدغم، وما سهل لك فيه الإظهار فأظهِر ولا تدغم.
وقوله: ﴿لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ...﴾
﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً...﴾