وقرأ قوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ...﴾
يحيى (فى مَسْكَنِهِمْ) وهى لغة يمانيّة فصيحة. وقرأ حمزة فى (مَسْكِنِهِمْ) وقراءة العوامّ (مَسَاكِنِهِمْ) يريدون: منازلهم. وكلّ صَوَاب. والفراء يقرأ قراءة يحيى.
وقوله: ﴿آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ﴾ والمعنى: عن أيمانهم وشمائِلهم. والجنتان مرفوعتان لأنهما تفسير للآيةِ. ولو كان أحد الحرفين منصوباً بكان لكان صَواباً.
وقوله: ﴿وَاشْكُرُواْ لَهُ﴾ انقطع هَا هُنَا الكلام ﴿بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ﴾ هذه بلدة طيّبة ليستْ بسَبَخة.
﴿ فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴾
وقوله: ﴿سَيْلَ الْعَرِمِ...﴾
كانت مُسَنَّاة كانت تحبس الماء على ثلاثة أَبْوَاب منهَا، فَيَسقونَ من ذلكَ الماء من الباب الاول، ثم الثانى، ثم الآخِر، فلا ينفَد حتى يثوب الماءُ من السَّنة المقبلة. وكانوا أنعم قوم عيشا. فلمّا أعرضوا وجحدوا الرسل بثق الله عليهم المُسَنَّاة، فغرَّقت أرضهم ودفن بيوتَهم الرملُ، ومُزّقوا كل ممزَّقٍ، حَتى صَاروا مَثَلا عند العرب. والعرب تقول: تفرقوا أيادِى سَبَا وأيدى سَبَاً قَال الشاعر:
عيناً ترى النَّاس إليها نَيْسَبا * من صَادرٍ وواردٍ أيدى سَبَا
يتركونَ همزهَا لكثرة ما جرى على ألسنتهم ويُجرون سَبا، ولا يُجرونَ: مَن لم يُجر ذهب إلى البدلة. ومن أجرى جَعَل سَبَا رجلاً أو جبلاً، ويهمز. وهو فى القراءة كثير بالهمز لاَ أعلم أحداً ترك همزهُ أنشدنى:
الواردونَ وتيم فى ذرى سَبَأ * قد عَضَّ أعناقَهم جِلْدُ الجواميس


الصفحة التالية
Icon