﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾
وقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ...﴾
أى يكفينى منكم أن يقوم الرجل منكم وحده، أو هو وغيره، ثم تتفكروا هَلْ جرّبتم عَلَى محمدٍ كذباً أو رَأوا به جُنُوناً ؛ ففى ذلكَ ما يتيقنونَ أنه بنىٌّ.
﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ﴾
وقوله: ﴿عَلاَّمُ الْغُيُوبِ...﴾
رفعت (عَلاّم) وهو الوجه ؛ لأن النعت إذا جاء بعد الخبر رفعته العرب فى إنّ، يقولون: إن أخاك قائم الظريفُ. ولو نصبوا كان وجهاً. ومثله ﴿إنّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النّارِ﴾ لو قرئ نصباً كان صواباً، إلا أن القراءة الجيِّدة الرَّفع.
﴿ وَقَالُواْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾
وقوله: ﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ...﴾
قرأ الأعمش وحمزة والكسائىّ بالهمز يجعلونه منَ الشىء البطىء من نأشت من النئيش، قال الشاعر:
* وجئت نئيشا بعد ما فاتك الخبر *
وقال آخر:
تمنى نئيشاً أَن يكون أطاعنى * وقد حَدَثت بعد الأمور أمورُ
وقد ترك همزَها أهلُ الحجاز وغيرهم، جَعَلوها من نُشْته نَوْشا وهو التناول: وهما متقاربان، بمنزلة ذِمْتُ الشىء وذَأمْته أى عِبْته: وقال الشاعر:
فَهْى تَنُوش الحوض نَوْشاً من عَلاَ * نَوْشاً به تقطع أجواز الفَلاَ
وتناوش القومُ فى القتال إذا تناول بعضُهم بعضاً ولم يتدانَوا كل التدانى. وقد يجوز همزها وهى من نُشت لانضمام الواو، يعنى التناوش مثل قوله ﴿وَإِذَا الرُسُلُ أُقِّتَتْ﴾.
﴿ وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾
وقوله: ﴿وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ...﴾