خفضت كل مقام بالإضافة إذ نوديت بالرفع مثل المفرد العلم
كيف لا وهو أعرف المعارف وأشهر من الشمس في رابعة النهار وهكذا آله المقتفون أثره ومن هذا ما وقع لهشام بن عبد الملك حين أراد أن يستلم الحجر الأسود ولم يتمكن لازدحام الناس عليه ممن يعرف كونه الملك ومن لا يعرفه ولما جاء حينذاك زين العابدين وأراد استلامه انشق له الناس صفّين احتراما له حتى مشى بينهم على هينة واستلم فقال هشام تجاهلا من هذا فأجابه الفرزدق فورا :
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء اللّه قد ختموا
وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم
إلى آخر قصيدته الرنانة التي سارت بها الركبان ولم يبال بسلطانه تجاه آل البيت الذين أوجب اللّه محبتهم علينا، قالوا وكانت امرأته معه فقالت له واللّه هذا هو الملك والشرف لا ملكك وسلطانك، وهكذا كانت الشعراء تصدع بالحق ولا تخشى الملوك فماذا تراهم لقاء غيرهم وأين شعراؤنا الآن منهم فقد تبدل كل شيء ولا حول ولا قوة إلا باللّه الذي "يُنَبِّئُكُمْ" أيها الكفرة ويقول لكم ذلك الرجل إنكم "إِذا مُزِّقْتُمْ" قطعتم وفرقت أوصالكم وفتتت "كُلَّ مُمَزَّقٍ" بحيث صرتم ترابا ورفاتا وهباء "إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ٧" فتنشئون كما كنتم، وهذا بزعمهم أعجوبة غريبة لا يمكن أن تكون ولا تعرف من قبل.
ثم تساءلوا بينهم


الصفحة التالية
Icon