فصل


قال الفخر :
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ﴾
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قوله تعالى :﴿مِنَّا﴾ إشارة إلى بيان فضيلة داود عليه السلام، وتقريره هو أن قوله :﴿وَلَقَدْ ءاتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً﴾ مستقل بالمفهوم وتام كما يقول القائل : آتي الملك زيداً خلعة، فإذا قال القائل آتاه منه خلعة يفيد أنه كان من خاص ما يكون له، فكذلك إيتاء الله الفضل عام لكن النبوة من عنده خاص بالبعض، ومثل هذا قوله تعالى :﴿يُبَشّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مّنْهُ ورضوان﴾ [ التوبة : ٢١ ] فإن رحمة الله واسعة تصل إلى كل أحد في الدنيا لكن رحمته في الآخرة على المؤمنين رحمة من عنده لخواصه فقال :﴿يُبَشّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مّنْهُ ﴾.
المسألة الثانية :
في قوله :﴿ياجبال أَوّبِى مَعَهُ﴾ قال الزمخشري :﴿يا جِبَال﴾ بدل من قوله :﴿فَضْلاً﴾ معناه آتيناه فضلاً قولنا يا جبال، أو من آتينا ومعناه قلنا يا جبال.
المسألة الثالثة :
قرىء ( أوبي ) بتشديد الواو من التأويب وبسكونها وضم الهمزة أوبي من الأوب وهو الرجوع والتأويب الترجيع، وقيل بأن معناه سيرى معه، وفي قوله :﴿يُسَبّحْنَ﴾ قالوا : هو من السباحة وهي الحركة المخصوصة.
المسألة الرابعة :
قرىء ﴿والطير﴾ بالنصب حملاً على محل المنادى والطير بالرفع حملاً على لفظه.
المسألة الخامسة :
لم يكن الموافق له في التأويب منحصراً في الجبال والطير ولكن ذكر الجبال، لأن الصخور للجمود والطير للنفور تستبعد منهما الموافقة، فإذا وافقه هذه الأشياء فغيرها أولى، ثم إن من الناس من لم يوافقه وهم القاسية قلوبهم التي هي أشد قسوة من الحجارة.
المسألة السادسة :
قوله :﴿وَأَلَنَّا لَهُ الحديد﴾ عطف، والمعطوف عليه يحتمل أن يكون قلنا المقدر في قوله يا جبال تقديره قلنا : يا جِبَال أوبي وألنا، ويحتمل أن يكون عطفاً على آتينا تقديره آتيناه فضلاً وألنا له.


الصفحة التالية
Icon