﴿ مآرب أخرى ﴾ [ طه : ١٨ ] وهذا كثير، وقرأ الأعرج وعاصم بخلاف وجماعة من أهل المدينة " والطيرُ " بالرفع عطفاً على لفظ قوله ﴿ يا جبال ﴾، وقرأ نافع وابن كثير والحسن وابن أبي إسحاق وأبو جعفر " والطيرَ " بالنصب فقيل ذلك عطف على ﴿ فضلاً ﴾ وهو مذهب الكسائي، وقال سيبويه هو على موضع قوله ﴿ يا جبال ﴾ لأن موضع المنادى المفرد نصب، وقال أبو عمرو : نصبها بإضمار فعل تقديره وسخرنا الطير، ﴿ وألنا له الحديد ﴾ معناه جعلناه ليناً، وروى قتادة وغيره أن الحديد كان له كالشمع لا يحتاج في عمله إلى نار، وقيل أعطاه قوة يثني بها الحديد، وروي أنه لقي ملكاً وداود يظنه إنساناً وداود متنكر خرج ليسأل الناس عن نفسه في خفاء، فقال داود لذلك الشخص الذي تمثل فيه الملك ما قولك في هذا الملك داود؟ فقال له الملك : نعم العبد لولا خلة فيه، قال داود وما هي؟ قال : يرتزق من بيت المال ولو أكل من عمل يديه لتمت فضائله، فرجع فدعا الله تعالى في أن يعلمه صنعة ويسهلها عليه فعلمه تعالى صنعة لبوس وألان له الحديد، فكان فيما روي يصنع ما بين يومه وليلته درعاً تساوي ألف درهم حتى ادخر منها كثيراً وتوسعت معيشة منزله، وكان ينفق ثلث المال في مصالح المسلمين، وقوله تعالى :﴿ أن اعمل ﴾ قيل إن ﴿ أن ﴾ مفسرة لا موضع لها من الإعراب، قيل هي في موضع نصب بإسقاط حرف الجر، و" السابغات " الدروع الكاسيات ذوات الفضول، قال قتادة داود عليه السلام أول من صنعها، ودرع الحديد مؤنث ودرع المرأة مذكر، وقوله تعالى :﴿ وقدر في السرد ﴾ اختلف المتأولون في أي شيء هو التقدير من أشياء السرد، إذ السرد هو اتباع الشيء بالشيء من جنسه، قال الشماخ :" كما تابعت سرد العنان الخوارز "، ومنه سرد الحديث، وقيل للدرع مسرودة لأنها توبعت فيها الحلق بالحلق ومنه قول الشاعر [ القرطبي ] :[ الكامل ]
وعليهما مسرودتان قضاهما... داود أو صَنَعُ السوابغ تبع


الصفحة التالية
Icon