أخبر بإتيانها وأكده باليمين، قال الزمخشري رحمه الله : لو قال قائل كيف يصح التأكيد باليمين مع أنهم يقولون لا رب وإن كانوا يقولون به، لكن المسألة الأصولية لا تثبت باليمين وأجاب عنه بأنه لم يقتصر على اليمين بل ذكر الدليل وهو قوله :﴿ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ وبيان كونه دليلاً هو أن المسيء قد يبقى في الدنيا مدة مديدة في اللذات العاجلة ويموت عليها والمحسن قد يدوم في دار الدنيا في الآلام الشديدة مدة ويموت فيها، فلولا دار تكون الأجزية فيها لكان الأمر على خلاف الحكمة، والذي أقوله أنا هو أن الدليل المذكور في قوله :﴿عالم الغيب لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ﴾ أظهر، وذلك لأنه إذا كان عالماً بجميع الأشياء يعلم أجزاء الأحياء ويقدر على جمعها فالساعة ممكنة القيام، وقد أخبر عنها الصادق فتكون واقعة، وعلى هذا فقوله تعالى :﴿فِي السموات وَلاَ فِى الأرض﴾ فيه لطيفة وهي أن الإنسان له جسم وروح والأجسام أجزاؤها في الأرض والأرواح في السماء فقوله :﴿لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السموات﴾ إشارة إلى علمه بالأرواح وقوله :﴿وَلاَ فِى الأرض﴾ إشارة إلى علمه بالأجسام، وإذا علم الأرواح والأشباح وقدر على جمعها لا يبقى استبعاد في المعاد.


الصفحة التالية
Icon