قوله :﴿أُوْلئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ يحتمل وجهين أحدهما : أن يكون لهم ذلك جزاء فيوصله إليهم لقوله :﴿لّيَجْزِىَ الذين ءامَنُواْ﴾، وثانيهما : أن يكون ذلك لهم والله يجزيهم بشيء آخر لأن قوله :﴿أُوْلئِكَ لَهُمْ﴾ جملة تامة إسمية، وقوله تعالى :﴿لّيَجْزِىَ الذين ءامَنُواْ﴾ جملة فعلية مستقلة، وهذا أبلغ في البشارة من قول القائل.
ليجزي الذين آمنوا رزقاً.
المسألة الثانية :
اللام في ليجزي للتعليل، معناه الآخرة للجزاء، فإن قال قائل : فما وجه المناسبة ؟ فنقول : الله تعالى أراد أن لا ينقطع ثوابه فجعل للمكلف داراً باقية ليكون ثوابه واصلاً إليه دائماً أبداً، وجعل قبلها داراً فيها الآلام والأسقام وفيها الموت ليعلم المكلف مقدار ما يكون فيه في الآخرة إذا نسبه إلى ما قبلها وإذا نظر إليه في نفسه.
المسألة الثالثة :
ميز الرزق بالوصف بقوله كريم ولم يصف المغفرة واحدة هي للمؤمنين والرزق منه شجرة الزقوم والحميم، ومنه الفواكه والشراب الطهور، فميز الرزق لحصول الانقسام فيه، ولم يميز المغفرة لعدم الانقسام فيها.
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥)