وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ﴾
هذه السورة، قال في التحرير، مكية بإجماعهم.
قال ابن عطية : مكية إلا قوله :﴿ ويرى الذين أوتوا العلم ﴾، فقالت فرقة : مدنية فيمن أسلم من أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام وأشباهه. انتهى.
وسبب نزولها أن أبا سفيان قال لكفار مكة، لما سمعوا ﴿ ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ﴾ إن محمداً يتوعدنا بالعذاب بعد أن نموت، ويخوّفنا بالبعث، واللات والعزى لا تأتينا الساعة أبداً، ولا نبعث.
فقال الله :﴿ قل ﴾ يا محمد ﴿ بلى وربي لتبعثن ﴾ قاله مقاتل ؛ وباقي السورة تهديد لهم وتخويف.
ومن ذكر هذا السبب، ظهرت المناسبة بين هذه السورة والتي قبلها.
﴿ الحمد لله ﴾ : مستغرق لجميع المحامد.
﴿ وله الحمد في الآخرة ﴾ : ظاهره الإستغراق.
ولما كانت نعمة الآخرة مخبراً بها، غير مرئية لنا في الدنيا، ذكرها ليقاس نعمها بنعم الدنيا، قياس الغائب على الشاهد، وإن اختلفا في الفضيلة والديمومة.
وقيل : أل للعهد والإشارة إلى قوله :﴿ وآخر دعواهم أن الحمد لله ﴾ أو إلى قوله :﴿ وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده ﴾ وقال الزمخشري : الفرق بين الحمدين وجوب الحمد في الدنيا، لأنه على نعمه متفضل بها، وهو الطريق إلى تحصيل نعمة الآخرة، وهي الثواب.
وحمد الآخرة ليس بواجب، لأنه على نعمة واجبة الاتصال إلى مستحقها، إنما هو تتمة سرور المؤمنين وتكملة اغتباطهم يلتذون به.
انتهى، وفيه بعض تلخيص.
﴿ يعلم ما يلج في الأرض ﴾، من المياه.
وقال الكلبي : من الأموات والدفائن.
﴿ وما يخرج منها ﴾، من النبات.
وقال الكلبي : من جواهر المعادن.
﴿ وما ينزل من السماء ﴾، من المطر والثلج والبرد والصاعقة والرزق والملك.
﴿ وما يعرج فيها ﴾، من أعمال الخلق.
وقال الكلبي : وما ينزل من الملائكة.