القُشَيْريّ : وأشجار البوادي لا تسمى جنة وبستاناً ولكن لما وقعت الثانية في مقابلة الأولى أطلق لفظ الجنة، وهو كقوله تعالى :﴿ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ﴾ [ الشورى : ٤٠ ].
ويحتمل أن يرجع قوله "قَلِيلٍ" إلى جملة ما ذُكر من الخَمْط والأَثْل والسِّدر.
قوله تعالى :﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ ﴾ أي هذا التبديل جزاء كفرهم.
وموضع "ذلك" نصب ؛ أي جزيناهم ذلك بكفرهم.
﴿ وَهَلْ يُجَازَى إِلاَّ الْكفُورُ ﴾ قراءة العامة "يُجَازَى" بياء مضمومة وزاي مفتوحة، "الكَفورُ" رفعاً على ما لم يُسمّ فاعله.
وقرأ يعقوب وحفص وحمزة والكسائيّ :"نُجازِي" بالنون وكسر الزاي، "الكفورَ" بالنصب، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، قالا : لأن قبله "جَزَيْنَاهُمْ" ولم يقل جُوزُوا.
النحاس : والأمر في هذا واسع، والمعنى فيه بيّن، ولو قال قائل : خلق الله تعالى آدم ﷺ من طين، وقال آخر : خُلق آدم من طين، لكان المعنى واحداً.
مسألة : في هذه الآية سؤال ليس في هذه السورة أشدّ منه، وهو أن يقال : لم خصّ الله تعالى المجازاة بالكفور ولم يذكر أصحاب المعاصي؟ فتكلم العلماء في هذا ؛ فقال قوم : ليس يُجازَى بهذا الجزاء الذي هو الاصطلام والإهلاك إلا من كفر.
وقال مجاهد : يجازي بمعنى يعاقب ؛ وذلك أن المؤمن يكفِّر الله تعالى عنه سيئاته، والكافر يجازَى بكل سوءٍ عمِله ؛ فالمؤمن يُجْزَى ولا يُجَازَى لأنه يثاب.
وقال طاوس : هو المناقشة في الحساب، وأما المؤمن فلا يناقش الحساب.
وقال قُطْرُب خلاف هذا، فجعلها في أهل المعاصي غير الكفار، وقال : المعنى على من كفر بالنعم وعمل بالكبائر.
النحاس : وأولى ما قيل في هذه الآية وأجلّ ما روي فيها : أن الحسن قال مِثْلاً بمثل.