﴿ جزيناهم ﴾ كما قيل في قوله سبحانه :﴿ وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [ البقرة : ٣ ١٤ ] ومحله على الأول النصب على أنه مفعول ثان، وعلى الثاني النصب على أنه مصدر مؤكد للفعل المذكور، والتقديم للتعظيم والتهويل وقيل للتخصيص أي ذلك التبديل جزيناهم لا غيره أو ذلك الجزاء الفظيع جزيناهم لا جزاء آخر ﴿ بِمَا كَفَرُواْ ﴾ أي بسبب كفرانهم النعمة حيث نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدها، وقيل بسبب كفرهم بالرسل الثلاثة عشر الذين بعثوا إليهم.
واستشكل هذا مع القول بأن السيل العرم كان زمن الفترة بأن الجمهور قالوا.
لا نبي بين نبينا وعيسى عليهما الصلاة والسلام، ومن الناس من قال : بينهما ﷺ أربعة أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب وهو خالد العبسي وهو قد بعث لقومه وبنو إسرائيل لم يبعثوا للعرب.
وأجيب بأن ما كان زمن الفترة هو السيل العرم لا غير والرسل الثلاثة عشر هم جملة من كان في قومهم من سبا بن يشجب إلى أن أهلكهم الله تعالى أجمعين فتأمل ولا تغفل.
﴿ وَهَلْ نُجْزِى إِلاَّ الكفور ﴾ أي ما نجازي مثل هذا الجزاء الشديد المستأصل إلا المبالغ في الكفر إن أو الكفر فلا يتوجه على الحصر إشكال أن المؤمن قد يعاقب في العاجل.
وفي "الكشف" لإيراد أن المؤمن أيضاً يعاقب فإنه ليس بعقاب على الحقيقة بل تمحيص ولأنه أريد المعاقبة بجميع ما يفعله من السوء، ولا كذلك للمؤمن، ولا مانع من أن يكون الجزاء عاماً في كل مكافآت وأريد به المعاقبة مطلقاً من غير تقييد بما سبق لقرينة ﴿ جزيناهم بِمَا كَفَرُواْ ﴾ لتعيين المعاقبة فيه بل قال الزمخشري : هو الوجه الصحيح وذلك لعدم الإضمار ولأن التذييل هكذا آكد وأسد موقعاً ولا يتوجه الأشكال لما في "الكشف".
وقرأ الجمهور ﴿ يجازي ﴾ بضم الياءي وفتح الزاي مبنياً للمفعول ﴿ إِلاَّ الكفور ﴾ بالرفع على النيابة عن الفاعل.


الصفحة التالية
Icon