ووصفه الرحالة ( أرنو ) الفرنسي سنة ١٨٨٣ والرحالة ( غلازر ) الفرنسي.
ولا يعرف وقت انهدام هذا السد ولا أسباب ذلك.
والظاهر أن سبب انهدامه اشتغال ملوكهم بحروب داخلية بينهم ألهتهم عن تفقد ترميمه حتى تخرب، أو يكون قد خربه بعض من حاربهم من أعدائهم، وأما ما يذكر في القصص من أن السد خربته الجرذان فذلك من الخرافات.
وفي ﴿ العرم ﴾ قال النابغة الجعدي :
من سَبَإِ الحاضرين مأرب إذ
يبنون من دون سيله العَرِما...
والتبديل : تعويض شيء بآخر وهو يتعدى إلى المأخوذ بنفسه وإلى المبذول بالباء وهي باء العوض كما تقدم في قوله تعالى :﴿ ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ﴾ في سورة النساء ( ٢ ).
فالمعنى : أعطيناهم أشجار خَمْط وأثْل وسِدر عوضاً عن جنتيهم، أي صارت بلادهم شَعْراء قاحلة ليس فيها إلا شجر العِضاه والبادية، وفيما بين هذين الحالين أحوال عظيمة انتابتهم فقاسوا العطش وفقدان الثمار حتى اضطروا إلى مفارقة تلك الديار، فلما كانت هذه النهاية دالة على تلك الأحوال طوي ذكر ما قبلها واقتصر على وبدّلناهم بجنتيهم جنتين ذواتيْ أكل خمط } إلى آخره.
وإطلاق اسم الجنتين على هذه المنابت مشاكلة للتهكم كقول عمرو بن كلثوم :
قريناكم فعجلنا قِراكم
قبيل الصُبح مِرداة طحونا...
وقوله تعالى :﴿ فبشرهم بعذاب أليم ﴾ [ الانشقاق : ٢٤ ].
وقد وصف الأعشى هذه الحالة بدءاً ونهاية بقوله :
وفي ذاكَ للمؤنسي عِبرة
ومأْرب عَفى عليها العرم...
رخام بنته لهم حِمير
إذا جاء مَوَّاره لم يَرم...
فأروى الزروع وأعنابها
على سَعة ماؤهم إذا قُسم...
فعاشوا بذلك في غبطة
فحاربهم جارف منهزم...
فطار القيول وقيلاتها
ببهماء فيها سراب يطِم...
فطاروا سراعاً وما يقدرو
ن منه لشرب صُبيّ فُطِم...
والخَمْط : شَجر الأراك.
ويطلق الخمط على الشيء المُرّ.
والأثل : شجر عظيم من شجر العضاه يشبه الطرفاء.
والسدر : شجر من العضاه أيضاً له شَوْك يشبه شجر العناب.


الصفحة التالية
Icon