فَإِذَا أَصَابَ أَحَدًا مِنْهُمْ كَرْبٌ أَوْ تَجَدَّدَ لَهُ مَكْرُوهٌ فَتَحَ الْبَابَ [ عَلَيْهِ ] وَجَلَسَ عِنْدَهُ يَبْكِي وَيُنَاجِيهِ بِكَانَ وَكَانَ حَتَّى يَكْسِرَ سَوْرَةَ حُزْنِهِ بِإِهْرَاقِ دُمُوعِهِ، ثُمَّ يُغْلِقُ الْبَابَ عَلَيْهِ وَيَنْصَرِفُ عَنْهُ، وَإِنْ تَمَادَى بِهِمْ الزَّمَانُ يَعْبُدُوهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ إنْ قُلْنَا : إنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا لَا تَلْزَمُنَا فَلَيْسَ يُنْقَلُ عَنْ ذَلِكَ حُكْمٌ.
وَإِنْ قُلْنَا : إنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا فَيَكُونُ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصُّوَرِ نَسْخًا، وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي قِسْمِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ قَبْلَ هَذَا.
وَإِنْ قُلْنَا : إنَّ الَّذِي كَانَ يُصْنَعُ لَهُ الصُّوَرُ الْمُبَاحَةُ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَصُورَتِهِ فَشَرْعُنَا وَشَرْعُهُ وَاحِدٌ.
وَإِنْ قُلْنَا : إنَّ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِ مَا كَانَ شَخْصًا لَا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ، لُبَابُهُ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَحَادِيثِ خَمْسُ أُمَّهَاتٍ : الْأُمُّ الْأُولَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ، أَوْ هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا.
وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ صُورَةٍ.


الصفحة التالية
Icon