ولما كان المراد المبالغة في الحقارة بما تعرف العرب قال :﴿مثقال ذرة﴾ ولما أريد العموم عبر بقوله :﴿في السماوات﴾ وأكد فقال :﴿ولا في الأرض﴾ لأن السماء ما علا، والأرض ما سفل، والسماوات في العرش، والأرض في السماء، فاستغرق ذلك النفي عنهما وعن كل ما فيهما من ذات ومعنى إلى العرش، وهو ذو العرش العظيم.
ولما كان هذا ظاهراً في نفي الملك الخالص عن شوب المشاركة، نفى المشاركة أيضاً بقوله مؤكداً تكذيباً لهم فيما يدعونه :﴿وما لهم فيهما﴾ أي السماوات والأرض ولا فيما فيهما، وأعرق في النفي فقال :﴿من شرك﴾ أي في خلق ولا مُلك ولا مِلك، وأكد النفي بإثبات الجار.
ولما كان مما في السماوات والأرض نفوس هذه الأصنام وقد انتفى ملكهم لشيء من أنفسهم أو ما أسكن فيها سبحانه من قوة أو منفعة، فانتفى أن يقدروا على إعانة غيرهم، وكان للتصريح مزيد روعة للنفوس وهزة للقلوب وقطع للأطماع، حتى لا يكون هناك متشبت قويّ ولا واهٍ قال :﴿وما له﴾ أي الله ﴿منهم﴾ وأكد النفي بإثبات الجار فقال :﴿من ظهير﴾ أي معين على شيء مما يريده، فكيف يصح مع هذا العجز الكلي أن يدعوا كما يدعى ويرجوا كما يرجى ويعبدوا كما يعبد.