وقال الكلبي : هو حال، أي وقد ظلموا أنفسهم بتكذيب الرسل.
﴿ فجعلناهم أحاديث ﴾ : أي عظاة وعبراً يتحدث بهم ويتمثل.
وقيل : لم يبق منهم إلا الحديث، ولو بقي منهم طائفة لم يكونوا أحاديث.
﴿ ومزقناهم كل ممزق ﴾ : أي تفريفاً، اتخذه الناس مثلاً مضروباً، فقال كثير :
أيادي سبايا عز ما كنت بعدكم...
فلم يحل للعينين بعدك منظر
وقال قتادة : فرقناهم بالتباعد.
وقال ابن سلام : جعلناهم تراباً تذروه الرياح.
وقال الزمخشري : غسان بالشام، وأنمار بيثرب، وجذام بتهامة، والأزد بعمان ؛ وفي التحرير وقع منهم قضاعة بمكة، وأسد بالبحرين، وخزاعة بتهامة.
وفي الحديث أن سبأ أبو عشرة قبائل، فلما جاء السيل على مأرب، وهو اسم بلدهم، تيامن منهم ستة قبائل، أي تبدّدت في بلاد اليمن : كندة والأزد والسفر ومذحج وأنمار، التي منها بجيلة وخثعم، وطائفة قيل لها حجير بقي عليها اسم الأب الأول ؛ وتشاءمت أربعة : لخم وجذام وغسان وخزاعة، ومن هذه المتشائمة أولاد قتيلة، وهم الأوس والخزرج، ومنها عاملة وغير ذلك.
﴿ إن في ذلك لآيات ﴾ : أي في قصص هؤلاء لآية : أي علامة.
﴿ لكل صبار ﴾، عن المعاصي وعلى الطاعات.
﴿ شكور ﴾، للنعم.
والظاهر أن الضمير في ﴿ عليهم ﴾ عائد على من قبله من أهل سبأ، وقيل : هو لبني آدم.
وقرأ ابن عباس، وقتادة، وطلحة، والأعمش، وزيد بن علي، والكوفيون :﴿ صدّق ﴾ بتشديد الدال، وانتصب ﴿ ظنه ﴾ على أنه مفعول بصدق، والمعنى : وجد ظنه صادقاً، أي ظن شيئاً فوقع ما ظن.
وقرأ باقي السبعة : بالتخفيف، فانتصب ظنه على المصدر، أي يظن ظناً، أو على إسقاط الحرف، أي في ظنه، أو على المفعول به نحو قولهم : أخطأت ظني، وأصبت ظني، وظنه هذا كان حين قال :﴿ لأضلنهم ﴾ ﴿ ولأغوينهم ﴾ وهذا مما قاله ظناً منه، فصدق هذا الظن.