﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ﴾ أي حقَّق عليهم ظنَّه أو وجده صادقاً. وقُرىء بالتَّخفيف أي صدَق في ظنِّه أو صدَقَ بظنَ ظنُّه ويجوز تعدية الفعل إليه بنفسه لأنَّه نوع من القول وقُرىء بنصب إبليسَ ورفعِ الظَّنِّ مع التَّشديدِ بمعنى وجدَه ظنُّه صادقاً ومع التَّخفيف بمعنى قال له الصِّدقُ حين خيَّل له إغواءَهم وبرفعهما والتحفيف على الإبدال. وذلك إما ظنّه بسيأ حين رأى انهماكهم في الشَّهواتِ أو ببني آدمَ حين شاهدَ آدمَ عليه السَّلامُ قد أصغى إلى وسوسته قال إنَّ ذُريَّتَه أضعفُ منه عزماً وقيل ظنَّ ذلك عند إخبار الله تعالى الملائكةَ أنَّه يجعلُ فيها مَن يفسد فيهاويسفكُ الدِّماءَ وقال لأضلنَّهم ولأغوينَّهم ﴿ فاتبعوه ﴾ أي أهلُ سبأٍ أو النَّاسُ ﴿ إِلاَّ فَرِيقاً مّنَ المؤمنين ﴾ إلا فريقاً هم المؤمنون لم يتَّبعوه على أنَّ مِن بيانيةٌ. وتقليلُهم بالإضافة إلى الكُفَّارِ أو إلا فريقاً من فِرقِ المؤمنين لم يتَّبعوه وهم المُخلَصون ﴿ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مّن سلطان ﴾ أي تسلُّطٌ واستيلاءٌ بالوسوسةِ والاستغواءِ وقولُه تعالى ﴿ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بالآخرة مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِى شَكّ ﴾ استثناء مفرَّغٌ من أعمِّ العللِ ومَن موصولةٌ أي وما كان تسلُّطُه عليهم إلا ليتعلَّقَ علمُنا بمَنْ يُؤمن بالآخرةِ متميِّزاً ممَّن هو في شكَ منها تعلُّقاً حالياً يترتَّب عليه الجزاءُ أو إلا ليتمَّيزَ المؤمنُ من الشَّاكِّ أو إلا ليؤمنَ من قُدِّر إيمانُه ويشكُّ من قُدِّر ضلالُه والمراد من حصول العلم حصول متعلَّقه مبالغةً ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلّ شَىْء حَفُيظٌ ﴾ أي محافظ عليه فإنَّ فَعيلاً ومُفاعِلاً صيغتانِ متآخيتانِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon