وأبو الجهجاه الأعرابي من فصحاء العرب وبلال بن أبي برزة بنصب ﴿ إِبْلِيسَ ﴾ ورفع ﴿ طنه ﴾ كذا في "البحر" والظان ذلك مع قراءة ﴿ لَّقَدْ صَدَقَ ﴾ بالتشديد أي وجده ظنه صادقاً لكن ذكر ابن جني أن الزهري كان يقرأ ذلك مع تخفيف ﴿ صَدَقَ ﴾ أي قال له الصدق حين خيل له إغواؤهم.
وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو ﴿ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ﴾ برفعهما بجعل الثاني بدل اشتمال، وأبهم الزمخشري القارىء بذلك فقال قرىء بالتخفيف ورفعهما على معنى صدق عليهم ظن إبليس ولو قرىء بالتشديد مع رفعهما لكان على المبالغة في ﴿ صَدَقَ ﴾ كقوله :
فدت نفسي وما ملكت يميني...
فوارس صدقت فيهم ظنوني
وهو ظاهر في أنه لم يقرأ أحد بذلك والله تعالى أعلم، وعلى جميع القراءات ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ متعلق بالفعل السابق وليس متعلقاً بالظن على شيء منها ﴿ فاتبعوه ﴾ أي سبأ وقيل بنو آدم ﴿ إِلاَّ فَرِيقاً مّنَ المؤمنين ﴾ أي إلا فريقاً هم المؤمنون لم يتبعوه على أن من بيانية، وتقليلهم إما لقلتهم في حد ذاتهم أو لقلتهم بالإضافة إلى الكفار، وهذا متعين على القول برجوع الضمير إلى بني آدم ؛ وكأني بك تختار كون القلة في حد ذاتهم على القول برجوع الضمير إلى سبأ لعدم شيوع كثرة المؤمنين في حد ذاتهم منهم أو إلا فريقاً من فرق المؤمنين لم يتبعوه وهم المخلصون فمن تبعيضية والمراد مطلق الاتباع الذي هو أعم من الكفر.
﴿ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مّن سلطان ﴾ أي تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء.