والمعنى : هذه بلدة طيبة لكثرة أشجارها، وطيب ثمارها.
وقيل : معنى كونها طيبة : أنها غير سبخة، وقيل : ليس فيها هوامّ.
وقال مجاهد : هي : صنعاء.
ومعنى :﴿ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ : أن المنعم عليهم ربّ غفور لذنوبهم.
قال مقاتل : المعنى : وربكم إن شكرتم فيما رزقكم ربّ غفور للذنوب.
وقيل : إنما جمع لهم بين طيب البلدة والمغفرة للإشارة إلى أن الرزق قد يكون فيه حرام.
وقرأ ورش بنصب بلدة، وربّ على المدح، أو على تقدير اسكنوا بلدة، واشكروا رباً.
ثم ذكر سبحانه ما كان منهم بعد هذه النعمة التي أنعم بها عليهم، فقال :﴿ فَأَعْرِضُواْ ﴾ عن الشكر، وكفروا بالله، وكذبوا أنبياءهم قال السدّي : بعث الله إلى أهل سبأ ثلاثة عشر نبياً، فكذبوهم، وكذا قال وهب.
ثم لما وقع منهم الإعراض عن شكر النعمة أرسل الله عليهم نقمة سلب بها ما أنعم به عليهم، فقال :﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العرم ﴾، وذلك أن الماء كان يأتي أرض سبأ من أودية اليمن، فردموا ردماً بين جبلين، وحبسوا الماء.
وجعلوا في ذلك الردم ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض، وكانوا يسقون من الباب الأعلى، ثم من الباب الثاني، ثم من الثالث، فأخصبوا، وكثرت أموالهم، فلما كذبوا رسلهم بعث الله جرذاً، ففتقت ذلك الردم حتى انتقض، فدخل الماء جنتهم، فغرقها، ودفن السيل بيوتهم، فهذا هو سيل العرم، وهو جمع عرمة وهي : السكر التي تحبس الماء، وكذا قال قتادة، وغيره.
وقال السدّي : العرم اسم للسدّ.
والمعنى : أرسلنا عليهم سيل السدّ العرم.
وقال عطاء : العرم اسم الوادي.
وقال الزجاج : العرم اسم الجرذ الذي نقب السدّ عليهم، وهو الذي يقال له : الخلد : فنسب السيل إليه لكونه سبب جريانه.
قال ابن الأعرابي : العرم من أسماء الفأر.
وقال مجاهد، وابن أبي نجيح : العرم ماء أحمر أرسله الله في السدّ، فشقه، وهدمه.
وقيل : إن العرم اسم المطر الشديد.


الصفحة التالية
Icon