وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف ﴿ صدَّق ﴾ بتشديد الدال بمعنى حقّق ظنه عليهم حين انخدعوا لوسوسته فهو لمّا وسوس لهم ظن أنهم يطيعونه فجدّ في الوسوسة حتى استهواهم فحقق ظنه عليهم.
وفي ( على ) إيماء إلى أن عمل إبليس كان من جنس التغلب والاستعلاء عليهم.
وقوله :﴿ فاتبعوه ﴾ تفريع وتعقيب على فعل ﴿ صدق عليهم إبليس ظنه ﴾ أي تحقق ظنه حين انفعلوا لفعل وسوسته فبادروا إلى العمل بما دعاهم إليه من الإِشراك والكفران.
و﴿ إلا فريقاً ﴾ استثناء من ضمير الرفع في ﴿ فاتبعوه ﴾ وهو استثناء متصل إن كان ضمير "اتبعوه" عائداً على المشركين وأما إن كان عائداً على أهل سبا فيحتمل الاتصال إن كان فيهم مؤمنين وإلا فهو استثناء منقطع، أي لم يعصه في ذلك إلا فريق من المؤمنين وهم الذين آمنوا من أهل مكة، أو الذين آمنوا من أهل سبا.
فلعل فيهم طائفة مؤمنين ممن نجوا قبل إرسال سيل العرم.
والفريق : الطائفة مطلقاً، واستثناؤها من ضمير الجماعة يؤذن بأنهم قليل بالنسبة للبقية، وإلا فإن الفريق يصدق بالجماعة الكثيرة كما في قوله تعالى:
﴿ فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة ﴾ [ الأعراف : ٣٠ ].
والتعريف في ﴿ المؤمنين ﴾ للاستغراق و ﴿ مِن ﴾ تبعيضية، أي إلا فريقاً هم بعض جماعات المؤمنين في الأزمان والبلدان.
وقوله :﴿ وما كان له عليهم من سلطان ﴾ أي ما كان للشيطان من سلطان على الذين اتبعوه.
وفعل ﴿ كان ﴾ في النفي مع ﴿ مِن ﴾ التي تفيد الاستغراق في النفي يفيد انتفاء السلطان، أي المِلك والتصريف للشيطان، أي ليست له قدرة ذاتية هو مستقل بها يتصرف بها في العالم كيف يشاء لأن تلك القدرة خاصة بالله تعالى.
والاستثناء في قوله :﴿ إلا لنعلم ﴾ استثناء من علل.