وخولف في النظم بين الصلتين فجاءت جملة ﴿ من يؤمن بالآخرة ﴾ فعلية، وجاءت جملة ﴿ هو منها في شك ﴾ اسمية لأن الإِيمان بالآخرة طارىء على كفرهم السابق ومتجدد ومتزايد آنا فآنا.
فكان مقتضى الحال إيراد الفعل في صلة أصحابه.
وأما شكهم في الآخرة فبخلاف ذلك هو أمر متأصل فيهم فاجتلبت لأصحابه الجملة الإسمية.
وجيء بحرف الظرفية للدلالة على إحاطة الشك بنفوسهم ويتعلق قوله :﴿ منها ﴾ بقوله :"بشك".
وجملة ﴿ وربك على كل شيء حفيظ ﴾ تذييل.
والحفيظ : الذي لا يخرج عن مقدرته ما هو في حفظه، وهو يقتضي العلم والقدرة إذ بمجموعهما تتقوم ماهية الحفظ ولذلك يُتبع الحفظ بالعلم كثيراً كقوله تعالى :﴿ إني حفيظ عليم ﴾ [ يوسف : ٥٥ ].
وصيغة فعيل تدل على قوة الفعل وأفاد عموم ﴿ كل شيء ﴾ أنه لا يخرج عن علمه شيء من الكائنات فتنزل هذا التذييل منزلة الاحتراس عن غير المعنى الكنائي من قوله :﴿ لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك ﴾، أي ليظهر ذلك لكل أحد فتقوم الحجة لهم وعليهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon