قوله :﴿ سَيْلَ العرم ﴾ : فيه أوجهٌ، أحدها : أنه من باب إضافةِ الموصوفِ لصفتِه في الأصلِ، إذ الأصلُ : السَّيْلُ العَرِمُ. والعَرِمُ : الشديدُ. وأصله مِنَ العَرامَةِ، وهي الشَّراسَةُ والصعوبةُ. وعَرِمَ فلانٌ فهو عارِمٌ وعَرِمٌ. وعُرامُ الجيش منه. الثاني : أنه من بابِ حَذْفِ الموصوفِ وإقامة صفتِه مُقامه. تقديرُه : فأَرْسَلْنا عليهم سَيْلَ المطرِ العَرِم أو الجُرذ العرم أي الشديد الكثير. الثالث : أنَّ العَرِمَ اسمٌ للبناءِ الذي يُجْعَلُ سَدَّاً. وأُنْشد :

٣٧٣٧ مِنْ سبأ الحاضرينَ مَأْرِبَ إذْ يَبْنُون مِنْ دونِ سَيْلِه العَرِما
أي البناء القويُّ. الرابع : أنَّ العَرِمَ اسمٌ للوادي الذي كان فيه الماءُ نفسُه. الخامس : أنه اسمٌ للجُرَذِ وهو الفَأْر. قيل : هو الخُلْدُ. وإنما أُضيفَ إليه لأنه تَسَبَّبَ عنه إذ يُرْوى في التفسيرِ : أنه قَرَضَ السِّكْرَ إلى أن انفتح عليهم فغرِقوا به. وعلى هذه الأقوال الثلاثةِ تكون الإِضافةُ إضافةً صحيحةً مُعَرِّفة نحو : غلام زيد أي : سيل البناء، أو سيل الوادي الفلاني، أو سيلُ الجُرَذِ. وهؤلاء هم الذين ضَرَبَتْ بهم العربُ في المثل للفُرْقةِ فقالوا :" تَفَرَّقوا أَيْدِي سبأ وأيادي سبأ ".
قوله " " بجنَّتَيْهم جَنَّتَيْن " قد تقدَّم في البقرة أن المجرورَ بالباء هو الخارج، والمنصوبَ هو الداخلُ ؛ ولهذا غَلِط مَنْ قال من الفقهاء :" فلو أبدل ضاداً بظاءٍ بَطَلَتْ صلاتُه " بل الصواب أَنْ يُقال : ظاءً بضادٍ.


الصفحة التالية
Icon