وقرأ الأخَوان وأبو عمروٍ " أُذِنَ " مبنياً للمفعول، والقائمُ مَقامَ الفاعلِ الجارُّ والمجرورُ. والباقون مبنيّاً للفاعل أي : أَذِنَ اللَّهُ وهو المرادُ في القراءة الأخرى. وقد صَرَّح به في قولِه :﴿ إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله ﴾ [ النجم : ٢٦ ] ﴿ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن ﴾ [ النبأ : ٣٨ ].
قوله :" حتى إذا " هذه غايةٌ لا بُدَّ لَها مِنْ مُغَيَّا. وفيه أوجهٌ، أحدُها : أنه قولُه :﴿ فاتبعوه ﴾ [ سبأ : ٢٠ ] على أَنْ يكونَ الضميرُ في عليهم من قولِه :﴿ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ ﴾ [ سبأ : ٢٠ ] وفي " قلوبِهم " عائداً على جميع الكفار، ويكون التفزيعُ حالةَ مفارقةِ الحياةِ، أو يُجْعَلُ اتِّباعُهم إياه مُسْتصحِباً لهم إلى يوم القيامة مجازاً.
والجملةُ مِنْ قوله :" قل ادْعُوا " إلى آخرها معترضةٌ بين الغايةِ والمُغَيَّا. ذكره الشيخ. وهو حسنٌ.
والثاني : أنه محذوفٌ. قال ابن عطية :" كأنه قيل : ولا هم شفعاءُ كما تحبون أنتم، بل هم عَبَدَةٌ أو مُسْلمون أي : منقادون. حتى إذا فُزِّع عن قلوبِهم " انتهى. وجعل الضميرَ في " قلوبهم " عائداً على الملائكة. وقَرَّر ذلك، وضَعَّفَ قولَ مَنْ جعله عائداً على الكفار، أو جميعِ العالم وليس هذا مَوْضِعَ تنقيحه.
وقوله :" قالوا : ماذا " هو جوابُ " إذا "، وقوله :" قالوا الحقَّ " جوابٌ لقولِه :﴿ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ﴾. و " الحقَّ " منصوبٌ ب " قال " مضمرةً أي : قالوا قال ربُّنا الحقَّ. أي : القولَ الحقَّ. إلا أنَّ الشيخَ رَدَّ هذا فقال :" فما قَدَّره ابنُ عطية لا يَصِحُّ لأنَّ ما بعدَ الغايةِ/ مخالِفٌ لِما قبلَها، هم منقادون عَبَدَةٌ دائماً، لا ينفكُّون عن ذلك لا إذا فُزِّع عن قلوبِهم، ولا إذا لم يُفَزَّعْ ".