قال ابن عطية في هذا الثاني :" ولا غَناء له " أي لا مَنْفعةَ فيه يعني : أنَّ معناه ضعيفٌ. قال الشيخ :" وقوله : لا غَناء له ليس بجيدٍ، بل في ذلك تبكيْتٌ لهم وتوبيخٌ، ولا يريد حقيقةَ الأمرِ بل المعنى : الذين هم شركائي على زَعْمِكم هم مِمَّنْ إنْ أَرَيْتُموهم افْتََضَحْتُمْ ؛ لأنهم خشبٌ وحجرٌ وغيرُ ذلك ".
قوله :" بل هو " في هذا الضميرِ قولان، أحدُهما : أنه ضميرٌ عائدٌ على الله تعالى أي : ذلك الذي أَلْحَقْتُمْ به شركاءَ هو اللَّهُ. والعزيز الحكيم صفتان. والثاني : أنه ضميرُ الأمرِ والشأنِ. واللَّهُ مبتدأ، والعزيزُ الحكيمُ خبران. والجملةُ خبر " هو ".
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨)
قوله :﴿ كَآفَّةً ﴾ : فيه أوجه، أحدها : أنه حالٌ من كاف " أَرْسَلْناك " والمعنى : إلاَّ جامعاً للناس في الإِبلاغ.
والكافَّةُ بمعنى الجامع، والهاءُ فيه للمبالغة كهي في : عَلاَّمة وراوِية. قاله الزجاج. وهذا بناءً منه على أنه اسمُ فاعلٍ مِنْ كَفَّ يَكُفُّ. وقال الشيخ :" أمَّا قولُ الزجَّاج : إن كافَّة بمعنى جامعاً، والهاءُ فيه للمبالغة ؛ فإنَّ اللغَةَ لا تُساعِدُه على ذلك ؛ لأنَّ كَفَّ ليس معناه محفوظاً بمعنى جَمَعَ " يعني : أن المحفوظَ في معناه مَنَع. يقال : كَفَّ يَكُفُّ أي : مَنَع. والمعنى : إلاَّ مانعاً لهم من الكفرِ، وأن يَشُذُّوا مِنْ تَبْليغِك، ومنه الكفُّ لأنها تمنع خروج ما فيه.
الثاني : أنَّ " كافَّة " مصدرٌ جاء على الفاعِلة كالعافِية والعاقِبَة. وعلى هذا فوقوعُها حالاً : إمَّا على المبالغةِ، وإمَّا على حذف مضافٍ أي : ذا كافَّةٍ للناس.


الصفحة التالية
Icon