من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ ﴾
الحكماء، والأَولياء - الذين هم الأئمة في هذه الطريقة - إذا دَلوا الناسَ عَلَى الله. قال بعض إخوان السوء - مثل بعض المتنصحين من أهل الغفلة وأبناء الدنيا لمريدٍ : ما هذا؟ من الذي يطيق كل هذا؟ ربما لا تُتمّمُ الطريق!
لا بُد من الدنيا ما دُمت تعيش!.. وأمثال ذلك، حَتى يميل هذا المسكينُ عند قبول النصح، وربما كان له هذا من خواطره الدنية... فيهلك ويضلّ.
وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤)
الإشارة من هذا إلى أهل الغفلة ؛ يعارضون أصحابَ القلوب فيما يجري من الأمور، بما تشوِّش إليهم نفوسُهم، ويخطر ببالهم من هواجسهم عن مُقْتَضَى تفرقةِ قلوبهم -على قياس ما يقع لهم - مِنْ غيرِ استنادٍ إلى إلهامٍ، أو اعتمادٍ على تقديرٍمن الله وإفهام.
وأهلُ الحقائق - الذين هم لسانُ الوقت - إذا قالوا شيئاً أو أطلقوا حديثاً، فلو طولبوا بإقامة البرهان عليه لم يمكنهم ؛ لأن الذي يتكلم عن الفراسة أو عن الإلهام، أو كان مُسْتَنْطَقاً فليس يمكن لهؤلاء إقامة الحجة على أقوالهم. وأصحابُ الغفلة ليس لهم إيمان بذلك، فإذا سمعوا شيئاً منه عارضوهم فيهلكون، فسبيلُ هؤلاء الأكابر عند ذلك أن يسكتوا، ثم الأيام تجيب أولئك. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ٣ صـ ١٨٦ ـ ١٨٧﴾


الصفحة التالية
Icon