وقيل : ليس هو بوقف، لأن المعنى ؛ ثم تتفكروا هل جرَّبتم على صاحبكم كذباً، أو رأيتم فيه جنة، أو في أحواله من فساد، أو اختلف إلى أحد ممن يدّعي العلم بالسحر ؛ أو تعلّم الأقاصيص وقرأ الكتب، أو عرفتموه بالطمع في أموالكم، أو تقدرون على معارضته في سورة واحدة ؛ فإذا عرفتم بهذا الفكر صدقه فما بال هذه المعاندة.
﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ وفي صحيح مسلم " عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين ﴾ "ورَهْطَكَ مِنهمْ المُخْلصِين" خرج رسول الله ﷺ حتى صعِد الصَّفا فهتف : يا صباحاه؟ فقالوا : من هذا الذي يهتفا؟ قالوا : محمد ؛ فاجتمعوا إليه فقال :"يا بني فلان يا بني فلان يا بني عبد مناف يا بني عبد المطلب فاجتمعوا إليه فقال أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مُصَدِّقِيّ"؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا.
قال :"فإني نذير لكم بين يدي عذابٍ شديد".
قال فقال أبو لهب : تَبًّا لك! أمَا جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قال فنزلت هذه السورة ﴿ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ " كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة.
قوله تعالى :﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ ﴾ أي جُعْل على تبليغ الرسالة ﴿ فَهُوَ لَكُمْ ﴾ أي ذلك الجُعْل لكم إن كنت سألتكموه ﴿ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٍ ﴾ أي رقيب وعالم وحاضر لأعمالي وأعمالكم، لا يخفى عليه شيء فهو يجازي الجميع.
قوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بالحق ﴾ أي يبيّن الحجة ويظهرها.
قال قتادة : بالحق بالوحي.
وعنه : الحق القرآن.
وقال ابن عباس : أي يقذف الباطل بالحق علامُ الغيوبِ.
وقرأ عيسى بن عمر "عَلاّمَ الغيوب" على أنه بدل، أي قل إن ربي علام الغيوب يقذف بالحق.


الصفحة التالية
Icon