دل على أنه الفاعل لا غيره بقوله :﴿وما أنفقتم من شيء﴾ أي أنتم وأخصامكم وغيرهم ﴿فهو يخلفه﴾ أي لا غيره بدليل أن المنفق قد يجتهد كل الاجتهاد في الإخلاف فلا ينفق، فدل ذلك على أنه المختص بالإخلاف، ولأن هذا هو المعنى لا أنه ضمن الإخلاف لكل من ينفق على أي وجه كان، قال مجاهد كما نقله الرازي في اللوامع :" إذا كان في يد أحدكم شيء فليقتصد ولا يتأول الآية، فإن الرزق مقسوم، وما عال من اقتصد " كما رواه الطبراني عن ابن مسعود ـ رضى الله عنه ـ مرفوعاً، والمعنى أنه قد دل الإخلاف على جميع الأشكال والأضداد على أن الأمر فيه على غير ما ظننتم من الإسعاف به في وقت موجب للإكرام على الدوام، وأن ذلك إنما هو لضمانه الرزق لكل أحد بحسب ما قسمه له من سبق به عمله وقدرته حكمته، وتارة يكون إخلافه حساً وبالفعل، وتارة يكون معنى وبالقوة، بالترضية بتلك الحالة التي أدت إلى العدم، قال القشيري : وهو أتم من السرور بالموجود، ومن ذلك الأنس بالله في الخلوة، ولا يكون ذلك إلا مع التجريد - انتهى.


الصفحة التالية
Icon