وقال ابن العربى :
قَوْله تَعَالَى :﴿ قُلْ إنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ :﴿ يُخْلِفُهُ ﴾ يَعْنِي يَأْتِي بِثَانٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَمِنْهُ الْخِلْفَةُ فِي النَّبَاتِ.
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ.
فَقَالَ : لَا.
بَلْ أَنَا الْخَالِفَةُ بَعْدَهُ.
[ قَالَ ثَعْلَبٌ : يُرِيدُ بِالْقَاعِدِ بَعْدَهُ ]، وَالْخَالِفَةُ الَّذِي يَسْتَخْلِفُهُ الرَّئِيسُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي مَعْنَى الْخَلَفِ هَاهُنَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ : الْأَوَّلُ : يُخْلِفُهُ إذَا رَأَى ذَلِكَ صَلَاحًا، كَمَا يُجِيبُ الدُّعَاءَ إذَا شَاءَ.
الثَّانِي يُخْلِفُهُ بِالثَّوَابِ.
الثَّالِثُ : مَعْنَى يُخْلِفُهُ، فَهُوَ أَخْلَفَهُ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا عِنْدَ الْعَبْدِ مِنْ خَلَفِ اللَّهِ وَرِزْقِهِ.
رَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَقُولُ اللَّهُ : يَا ابْنَ آدَمَ، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْك ﴾.


الصفحة التالية
Icon