وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾
﴿ وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء ﴾ يحتمل أن تكون ما شرطية في موضع نصب بأنفقتم وقوله تعالى :﴿ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ جواب الشرط، ويحتمل أن تكون بمعنى الذي في موضع رفع بالابتداء والجملة بعد خبره ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط، و﴿ مِن شَىْء ﴾ تبيين على الاحتمالين، ومعنى ﴿ يُخْلِفُهُ ﴾ يعطى بدله وما يقوم مقامه عوضاً عنه وذلك إما في الدنيا بالمال كما هو الظاهر أو بالقناعة التي هي كنز لا يفنى كما قيل.
وإما في الآخرة بالثواب الذي كل خلف دونه وخصه بعضهم بالآخرة، أخرج الفريابي.
وعبد بن حميد.
وابن المنذر.
وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : إذا كان لأحدكم شيء فليقتصد ولا يتأول هذه الآية ﴿ وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ فإن الرزق مقسوم ولعل ما قسم له قليل وهو ينفق نفقة الموسع عليه، وأخرج من عدا الفريابي من المذكورين عنه أنه قال في الآية : أي ما كان من خلف فهو منه تعالى وربما أنفق الإنسان ماله كله في الخير ولم يخلف حتى يموت، ومثلها ﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا ﴾ [ هود : ٦ ] يقول ما آتاها من رزق فمنه تعالى وربا لم يرزقها حتى تموت، والأول أظهر لأن الآية في الحث على الإنفاق وأن البسط والقدر إذا كانا من عنده عز وجل فلا ينبغي لمن وسع عليه أن يخاف الضيعة بالاتفاق ولا لمن قدر عليه زيادتها، وقوله تعالى :﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرزقين ﴾ تذييل يؤيد ذلك كأنه قيل : فيرزقه من حيث لا يحتسب.


الصفحة التالية
Icon