﴿ خير ﴾ بمعنى أخير لأن الرزق الواصل من غيره تعالى إنما هو من فضله أجراه على يد بعض مخلوقاته فإذا كان تيسيره برضى من الله على المرزوق ووعد به كان ذلك أخلق بالبركة والدوام، وظاهر الآية أن إخلاف الرزق يقع في الدنيا وفي الآخرة.
والمراد بالإِنفاق : الإِنفاق المرغب فيه في الدين كالإِنفاق على الفقراء والإِنفاق في سبيل الله بنصر الدين.
رَوى مالك عن النبي ﷺ أنه قال :" يقول الله تعالى : يا بن آدم أَنفق أُنفق عليك ".
قال ابن العربي : قد يعوّض مثله أو أزيد، وقد يعوض ثواباً، وقد يدخر له وهو كالدعاء في وعد الإِجابة" ا ه.
قلت : وقد يعوّض صحة وقد يعوّض تعميراً.
ولله في خلقه أسرار.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠)
عطف على جملة ﴿ ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم ﴾ [ سبأ : ٣١ ] الآية استكمالاً لتصوير فظاعة حالهم يوم الوعد الذي أنكروه تبعاً لما وصف من حال مراجعة المستكبرين منهم والمستضعفين ؛ فوصف هنا افتضاحهم بتبرؤ الملائكة منهم وشهادتهم عليهم بأنهم يعبدون الجن.
وضمير الغيبة من ﴿ نحشرهم ﴾ عائد إلى ما عاد عليه ضمير ﴿ وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً ﴾ [ سبأ : ٣٥ ] الذي هو عائد إلى ﴿ الذين كفروا ﴾ من قوله :﴿ وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ﴾ [ سبأ : ٣١ ].
والكلام كله منتظم في أحوال المشركين، وجميع : فعيل بمعنى مفعول، أي مجموع وكثر استعماله وصفاً لإِفادة شمول أفراد ما أجري هو عليه من ذوات وأحوال، أي يجمعهم المتكلم، قال لبيد :
عريت وكان بها الجميعُ فأبكروا
منها وغودر نُؤيها وثُمامها...
وتقدم عند قوله تعالى :﴿ فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون ﴾ في سورة هود ( ٥٥ ).


الصفحة التالية
Icon