وقال الشيخ سيد قطب :
سورة فاطر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مقدمة سورة فاطرهذه السورة المكّية نسق خاص في موضوعها وفي سياقها. أقرب ما تكون إلى نسق سورة الرعد. فهي تمضي في إيقاعات تتوالى على القلب البشري من بدئها إلى نهايتها. إيقاعات موحية مؤثرة تهزه هزاً، وتوقظه من غفلته ليتأمل عظمة هذا الوجود، وروعة هذا الكون ; وليتدبر آيات الله المبثوثة في تضاعيفه، المتناثرة في صفحاته ; وليتذكر آلاء الله، ويشعر برحمته ورعايته ; وليتصور مصارع الغابرين في الأرض ومشاهدهم يوم القيامة ; وليخشع ويعنو وهو يواجه بدائع صنع الله، وآثار يده في أطواء الكون، وفي أغوار النفس، وفي حياة البشر، وفي أحداث التاريخ. وهو يرى ويلمس في تلك البدائع وهذه الآثار وحدة الحق ووحدة الناموس، ووحدة اليد الصانعة المبدعة القوية القديرة... ذلك كله في أسلوب وفي إيقاع لا يتماسك له قلب يحس ويدرك، ويتأثر تأثر الأحياء.
والسورة وحدة متماسكة متوالية الحلقات متتالية الإيقاعات. يصعب تقسيمها إلى فصول متميزة الموضوعات فهي كلها موضوع واحد. كلها إيقاعات على أوتار القلب البشري، تستمد من ينابيع الكون والنفس والحياة والتاريخ والبعث. فتأخذ على النفس أقطارها وتهتف بالقلب من كل مطلع، إلى الإيمان والخشوع والإذعان.